للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بلى في بلادي لكل الزمان لكل المصير اكتناه

وإن شوهوه

وفيها لخلق لصيرورة الحياة إله

وإن أنكروه. . .) (١).

هنا مربط الحداثة الفكريّ: تأليهها ووصفها بالقدرة الخارقة على الخلق ليس للحياة فحسب بل ولخلق صيرورة الحياة ومستقبلها؛ وذلك لكونها "إله" وإن أنكره المنكرون، إنها ديانة وثنية يتعبد لها هؤلاء، وإله الحداثة الخالق -بزعمهم- للحياة وصيرورتها إله موجود لا يضره إنكار المنكرين له.

وفي الحقيقة أن أدونيس لم يتجاوز الحقيقة في وصفه "للملة الحداثية" ولم يخطئ حين بين أنهم عبيد لهذا الإله المزعوم "إله الثورة الحداثية"، ولا عجب من إقراره بهذا الواقع بل العجب من إنكار بعض الناس هذه الحقيقة واستماتتهم في الدفاع عن هذه "الملة"!!.

وفي مقطع آخر بعنوان "الثائر" يكرر أدونيس نفس المعاني، ممتدحًا ومبجلًا وغارقًا في ألفاظ الفخر والمديح أشد ما يكون الغرق وهو الذي طالما انتقد أغراض الشعر القديم، يقول أدونيس:

(زندك المتعب يجري نهرًا يرفع بيتًا

وهو في قنديلنا الشاحب يسّاقط زيتًا

هاهنا يسبح غيمة

وتعاريش وخيمة

أنت صليت عليها وانحنيت:

زند يا متعب يا خالق من أين أتيت؟) (٢).


(١) الأعمال الشعرية لأدونيس ١/ ١٣٦.
(٢) المصدر نفسه ١/ ١٤٧ - ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>