وبيد من رؤوس الأموال، البنوك والمصانع والتجارة؟ إن جلها بيد اليهود، كما هو معروف مشهور، إذن الذي يملك رأس المال هو الذي يملك وسائل الإعلام، وهو الذي يؤثر في الرأي العام.
وامتلاك الرأسماليين لوسائل الأعلام عديدة، منها الملكية المباشرة للصحف ودور النشر والإذاعات ومحطات البث التلفازي المحلي والعالمي، ووكالات الأنباء، ودور السينما.
ومنها الامتلاك غير المباشر من خلال تقديم الدعم للصحف ومحطات التلفاز، في صورة مساعدات وهبات وإعانات، أو في صورة شراء صفحات للإعلان، وبذلك تغطي الصحيفة والمحطة عجزها المالي المحتم، وتربح أرباحًا طائلة.
ويكفي رفع الدعم أو امتناع الشركات والمؤسسات المالية والصناعية عن الإعانات أو الإعلانات يكفي ذلك في الاجهاز على أية صحيفة أو محطة، تخرج عن إدارة أصحاب رؤوس الأموال، ولا بأس عندهم أن تحدث بعض المناوشات السطحية والانتقادات القشرية، التي لا تصل إلى جوهر الحقيقة وعمق القضية، بل هذا أمر في صالح المسرحية الديمقراطية.
فإذا كانت وسائل الإعلام التي تشكل الرأي العام واقعة تحت هيمنة الرأسمالية إلى هذا الحد فإن من البديهي أن تصوغ الرأسمالية الأفكار والتوجهات وفق إرادتها ومصلحتها، أو على الأقل بما لا يتعارض مع المصالحة الحقيقية للرأسماليين.
فإذا أراد أصحاب مصانع التبغ ترويج نتاج مصانعهم فإنه لا يُمكن أن يقف أحد أمام ذلك، لا الأطباء ولا المرضى ولا منظمة الصحة العالمية، ولا الشعب الذي يجلب له الدخان كل الأمراض والعلل القاتلة، ولا الدول التى تخسر من جراء معالجة المرضى بسبب التدخين ملايين الدولارات.
فإعلانات الدخان أشهر وأقوى الإعلانات، ومن باب المخادعة والضحك على ذقون البشر، ولتمرير المسرحية "الليبرالية" يكتبون تحت الإعلان المشوق سطرًا صغيرًا "التدخين سبب رئيسي لأمراض السرطان" أو "التدخين يضر بصحتك ننصحك بالامتناع عنه" ونحو ذلك.