للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النثر (١)، وهذا المقطع عبارة عن أوصاف جنسية، وتفاصيل للعملية الجنسية، ورموز جنسية عن عورات الرجال والنساء، وأوصاف لجسد المرأة واعتبارها مجرد متعة وموضع لتفريغ الطاقة الجنسية، وهذه هي حقيقة الدعوة التحررية التي ينادي بها العلمانيون والحداثيون، وفي هذا المقطع الجنسيّ يقول:

(يا امرأة

كما خلقتك اشتهيني

كما شئتك انسكبت فيّ

تدخلين في إيقاعي

تدهنين ثدييك بكلماتي وتغرقين في قرارة الحب) (٢).

ولا يحتاج أدونيس إلى تبرير أو تفسير أقواله هذه وأشباهها؛ لأنه تجاوز حد النقد بما وضعه من قواعد وأصول تقوم على اعتبار أن الإبداع فوق المناقشة والمحاكمة.

ولذلك نجده في أحد المقاطع يعود إلى جذوره الاعتقادية الوثنية، إلى "بابل" الوثنية مريدًا إحياءها وإنعاشها وبث روح الحياة في عظامها النخرة، وما من شيء يدعوه لذلك وهو الذي يتبرأ من العقائد كل العقائد كما يزعم ويتخلص من كل الثوابت كما يدعي.

والتفسير الوحيد لهذا أنه لما تصدى لمشروع كبير اسمه الحداثة وجد أن في طريقه عوائق تعترض قدرته على ترسيخ هذا المشروع ونشره، وأضخم وأثبت هذه العوائق هو الإسلام العظيم، فلجأ إلى نقائضه الوثنية القديمة والحديثة لعله يستطيع أن يتقوى بها، ولكنه كما قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ


(١) انظر: المصدر نفسه ١/ ٧.
(٢) الأعمال الشعرية لأدونيس ١/ ٥٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>