للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وراياتها الجفون) (١).

فكما هو الواضح في هذا القول الرديء أنه ينسب إلى غير اللَّه الخلق وينعت نفسه بالخلق، ولا يغيب عن البال أنه لا يريد الخلق الإنشائي للأرض فذلك مما يعجز عنه أهل الأرض جميعًا ولكنه يقصد بخلق الأرض إنشاء أرض جديدة وأناس جديدون يثورون على ماضيهم ويهدمون تراثهم ويحرقون تاريخهم وينقلبون على كل معاني الحق والهدى والرشاد، لينتج بهم وبأفكارهم أرضًا جديدة تقوم على الإلحاد باللَّه والشرك به والجحد بالنبوة والمعاد.

وأيًّا كان الأمر في ظاهر اللفظ أو مقصده فإن الذي يهمنا في هذا الصدد أن أدونيس استخدم عبارة الخلق استخدامًا منحرفًا كان له أثره البالغ على أتباع الحدائة حتى استهانوا بصفة "الخلق" واسم "الخالق" ودنسوها باستعمالاتهم الباطلة.

وفي موطن آخر يتطاول الباطنيّ على مقام الربوبية فيقول: (أخلق للريح صدرًا وخاصرة وأسند قامتي عليها، أخلق وجهًا للرفض وأقارن بينه وبين وجهي. . .، كالهواء أنا لا شرائع لي -أخلق مناخًا تتقاطع فيه الجحيم والجنة أخترع شياطين أخرى وأدخل معها في سباق وفي رهان. . . أطلق سراح الأرض وأسجن السماء. . .) (٢).

هذا الهراء الذي كتبه أدونيس نثرًا وبقي هكذا عنده وعند أتباعه ثم طرأ له بعد عام ١٣٨٤ هـ - ١٩٦٥ م أن يعتبره شعرًا (٣)، فصار شعرًا عنده وعند المقلدين له!!.

وهذا نفسه حصل في موضع آخر من "الأعمال الشعرية الكاملة" في مقطع بعنوان "تحولات العاشق" حيث اعتبرها مزيجًا من الشعر والنثر مع غلبة


(١) الأعمال الشعرية لأدونيس ١/ ٣٤٣.
(٢) المصدر نفسه ١/ ٤٠٥.
(٣) انظر: المصدر نفسه ١/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>