للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علمًا بأن التصور العقلي المجرد يدل على هذا الانتماء، والعمالة لتلك النظم والمؤسسات الليبرالية أو الماركسية، فمن اعتقد عقيدة قوم فلابد أن ينتمي إليهم، ويواليهم ويحبهم، ويتمنى سيادة نظامهم ومنهجهم، هذه بديهية أولية، ومع ذلك فلن نقف عند حدودها وإن كانت واضحة المعالم بل سوف نأتى بالشواهد من كلامهم هم.

هذه مجلة "شعر" بشخصياتها الحداثية الشهيرة: أدونيس والخال وخليل حاوي قبل انتقاله عنهم، تقود -حسب زعمها- المشروع النهضوي، ولكن كيف؟ إنه مشروع الاندماج والذوبان الكامل في الغرب، حيث يقرر أدونيس إنه في (الأصل لا شرق ولا غرب، في الأصل الإنسان) (١).

إنها التتمة العملية للمشروع السياسي الذي أعلنه أنطون سعادة بعد عودته من أمريكا، والذي سارت على خطواته عصابة شعر.

يقول باروت واصفًا مشروع "المعاصرة" عندهم وهو غير منكر عليهم: (هكذا تأسست أطروحة "المعاصرة" ليس بوصفها اقتلاعًا بل بوصفها "نهضة" دعوة إلى الجذور، وستعبر "الحضارة المتوسطية" عن ذلك تمامًا، فيوسف الخال يشير من إنكلترا إلى البحر المتوسط "بحرنا العظيم الخالد) (٢).

إن الاندماج بالغرب عند هؤلاء لا يعني الاندماج الفكري أو الثقافي أو الفني فحسب كما قد يتصور البعض بل هو أيضًا الاندماج السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وقد أطنب باروت وأكثر من الشواهد الدالة على هذا الارتباط الاعتقادي والعضوي بين أعضاء "شعر" والغرب (٣).

ومن خلاصة أقواله قوله: (. . . بدا مشروع الحداثة الذي قادته "شعر" وكانه المشروع الغربي الحداثي في الثقافة العربية، لم تستطع "شعر" أن تنفصل عن هذا المشروع، بل كان هاجسها في "المعاصرة" يرتكز على إنتاج


(١) الحداثة الأولى: ص ١٤، وانظر: ص ٢١٠٢ من هذا الكتاب.
(٢) المصدر السابق: ص ١٥.
(٣) انظر: المصدر السابق: ص ١٥ - ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>