للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محموم- يبحث عن الأسطورة، ويعتمدها أنى وجدها، لا يعنيه في ذلك أن تكون بابلية "عشتاروت تموز" أو مصرية "أوزوريس" أو حثية "أتيس" أو فينيقية "أدونيس، فينيق" أو يونانية "أورفيوس، برميثيوس، عولس، أوديس إيكار سيزيف، أدويب. . . إلخ" أو مسيحية. . . بل إنه ذهب إلى بعض حكايات الجاهلية ورموزها الوثنية "زرقاء اليمامة. . . اللات". . .) (١).

ولم تبق الأسطورة عند هذه المكانة لدى شعراء وكتاب الحداثة، بل أصبحت معيارًا للتقدم، والحرية والإبداع، وأساسًا عقديًا للحداثة المعاصرة في مضامينها المتنوعة.

وهذا ما قرره أحدهم قائلًا: (لم تتجل الحداثة طوال العصور السابقة إلّا مرتين. . . المرة الأولى في اليونان القديمة. . .، والمرة الثانية في القارة الأوربية. . . قيام الصيغة الوثنية التي أسقطت القداسة عن الملوك والآلهة، ففتحت بذلك باب حرية الفكر. . . إن الصيغة الوثنية هي صيغة تعددية. . . وهذا النشاط الذي قام به الإغريق سميناه الحداثة الأولى أو الحداثة الزراعية، وما زلنا حتى الآن نلجأ إلى استلهامها ولم نستطع أن نتجاوز الحدود التي وصلت إليها. . .) (٢).

من هذا كله نستطيع أن نفهم ظاهرة الانحراف العقديّ في ما يتعلق بتوحيد الربوبية وخاصة في نسبة الربوبية إلى غير اللَّه، إنها وبكل بساطة ووضوح عقيدة وثنية ورثها هؤلاء عن أسلافهم وأخذوها عن أسيادهم، فارتكسوا في حمأة الضلال، ودخلوا إلى الخرافة والتخلف الفكريّ من أوسع الأبواب.

وأمثلة هذه الظاهرة كثيرة في كتابات الحداثيين وسوف أورد بعض النماذج في هذا الصدد.


(١) اتجاهات الشعر العربيّ المعاصر لإحسان عباس: ص ١٢٨، وقد أدخل جملة من الحقائق في إطار الأساطير وعد من ذلك المسيح ويحيى عليهما السلام والخضر عليه السلام، وحادثة الإسراء والمعراج والمهدي المنتظر.
(٢) مجلة الناقد، عدد ٨، فبراير ١٩٨٩ م/ ١٤٠٩ هـ: ص ٣٤ من مقال لحنا عبود بعنوان "مقاربة الحداثة".

<<  <  ج: ص:  >  >>