للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكاملها في أعاصير التخلف الوثنيّ، وذلك بنزع يقينها بدينها وزعزعة إيمانها بخالقها وإلاهها.

وفي هذا المضمار الإلحاديّ الكفريّ تتحدث إحدى الكاتبات عن المضمون ذاته فتقول: (أصبح الإنسان مع نزع هالة التقديس والألوهية عن الكون ومدبره، أصبح يقع في مركز الكون، ويشكل مبدأ القيم والغايات وعندئذِ ترسخت الحركة الإنسانوية. . . توقف الإنسان عن الدوران حول المقدس وحلت مشروعية إنسانية جديدة محل المشروعية الدينية السابقة، ونتج عن ذلك أخلاق جديدة وقوانين جديدة تنطبق على البشر دون استثناء ودون اعتبار اللون والعرق أو المذهب والدين، ألم تطرح الماركسية نفسها بديلًا إنسانيًا عالميًا لكل عصور الاضطهاد والاستعباد السالفة، ورسمت الحلم الذي لا يشيب بحق الإنسان في المساواة والتحقيق الذاتيّ الإنسانيّ والانعتاق من الاغتراب) (١).

هذا الكلام مجرد ترجمة لأفكار وعقائد الغرب وتاريخ الغرب في صراعه مع الدين النصرانيّ المحرف، ولكنه في الوقت ذاته إسقاط علمانيّ خبيث على المسلمين، وتنزيل مغرض على واقع يخالف الواقع الغربيّ جملة وتفصيلًا.

وإلّا فمن هو الإنسان الذي نزع هالة التقديس والألوهية عن الكون ومدبره إلّا الإنسان الغربيّ الماديّ الملحد، وليس هو الإنسان المسلم الذي يؤمن باللَّه إلهًا وخالقًا ومدبرًا حتى وهو في أشد حالات عصيانه وضعفه الإيمانيّ.

وأي أرض تراجع عنها مفهوم الألوهية؟ إنها ليست أرض المسلمين ولا بلاد المسلمين على الرغم من الأنظمة العلمانية الطاغوتية المفروضة عليها، وعلى الرغم من محاولات المسخ الإعلاميّ والثقافيّ والتربويّ


(١) قضايا وشهادات ٢ صيف ١٩٩٠ م/ ١٤١٠ هـ: ص ١٠٢ من مقال بعنوان "امرأة الحداثة العربية" للدكتورة أنيسة الأمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>