للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكرسي والصولجان والجنود التي لا حصر لها) (١).

فهذا نموذج من نماذج الانحراف العقديّ الذي يُنشر ويُقرأ ويُحمى، وفيه أكبر شاهد على أوهام المادية الجدلية وأكاذيب وأغاليط الإلحاد، والحرب الموجهة ضد الإسلام عقيدة وشريعة، ويُمكن ملاحظة المزيج الكفريّ في النص: من احتماء بدعاوى العلمية والمعرفية والثقافة الشمولية، التي يخاح بها أشباهه من ذوي الهزال العقليّ، ثم السخرية باللَّه تعالى وبالنص الشرعيّ، وبالفهم السلفيّ القويم لهذه النصوص.

إن إسقاط حق العبودية للَّه تعالى أحد أظهر دلالات الاتجاه الحداثيّ العلماني، ومنه يتسرب جحدهم لحق اللَّه تعالى في الحكم والتشريع، وغير ذلك (٢).

وفي الحقيقة أن هذا المتهالك وأشباهه من الكتاب العلمانيين والحداثيين لايفهمون التدين إلّا بصيغته الأوروبية إلحادًا وجحودًا وردًا ومكابرة، أشربوا حبها على أنها هي الحرية والتقدم والنهضة، أو مجرد علاقة بين الإنسان وربه عند الذين يقرون بوجود رب خالق، وأي تجاوز لتلك الحدود التي رباهم الغرب عليها فهو التطرف والتعصب والأصولية بل والتخلف والرجعية.

وقد يظن المرء لأول وهلة أن هؤلاء ضلوا سواء السبيل عن جهل وعدم معرفة، فإذا تأمل ما يكتبون وجد أن انخلاعهم الكامل عن الإسلام وانحيازهم الكامل للكفر عن بينة وتصميم وقصد.

إنهم بكل وضوح ضد الإسلام كل الإسلام عن سابق إرادة وترصد، ثم يأتون يتبجحون بعد كل ذلك بأن (العلمنة لا تعني الإلحاد، إنّما تعني حرية الاختيار، واتخاذ موقف فلسفي أمام مشكلة المعرفة، فالكثير من


(١) المصدر السابق: ص ٤٠٠.
(٢) انظر: تأصيل نفي العبودية كأساس حداثيّ في كتاب الحداثة عبر التاريخ لحنا عبود: ص ١٥٠ - ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>