للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا تتكرر الطريقة العلمانية الحداثية في مواضع عديدة، أولًا الزعم والادعاء، وثانيًا التهكم والسخرية؟!.

وإلّا فمن أين لهذا أن ثلث سكان العالم ممن يدينون بدين والبقية ليسوا كذلك؟.

إن هذه الدعوى إضافة إلى كذبها ومخالفتها للحقيقة هي محاولة لملء الفراغ وحشد الأعداد ليتكثّر بها في جانب الإلحاد.

ثم السخرية من الدين الإسلاميّ الذي يقرر أن الكفار في النار، يتحدث عن ذلك على طريقة سلفه الذي قال ساخرًا بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين أخبر عن شجرة الزقوم: "إنّما الزقوم التمر والزبد أتزقمه" (١).

ويعود هذا الخاسر بعد النسبة التي وضعها للتدين وعدمه فيقول: (ما جدوى الأديان وقد شدت الشرق إلى أحضان التخلف بينما ارتفعت هامة شعوب لا تؤمن بالأديان لقمة الحضارة) (٢).

ثم يرسم طريقه الذي اقتدى به، وهو ما يؤكد أنهم ينظرون إلى الدين بعين أوروبية، فيقول: (هناك في البلاد المتحضرة أصبحت الأديان مجرد علاقة خاصة بين الإنسان وربه، هذا إذا كانت موجودة أصلًا وبالتالي أصبحت مجرد إطار، شكل، كلمة تكتب في البطاقة، أما أسلوب الحياة فمنفصل تمامًا يحدده المجتمع من خلال اعتبارات أخرى يستوحيها من أسباب الحضارة) (٣).

هكذا تلقى هؤلاء الأغرار هذه الأفكار عن أساتذتهم الغربيين، علمًا بأن الغرب أدخل أديانه في أمور حياتية عديدة، ولهؤلاء الأتباع تتوجه أسئلة من مثل:


(١) قائل ذلك أبو جهل. انظر: تفسير ابن كثير ٦/ ١٧ عند قوله تعالى: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢)} [الصافات: ٦٢].
(٢) مسافة في عقل رجل: ص ٤.
(٣) المصدر السابق: ص ٥ ونحوه ص ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>