إنه أمر الأهواء منذ القديم، تهوي بأصحابها في تخوم التبعية، وتجعله يستقبل الكفر والإلحاد بلا أنفة أو حمية إيمانية.
وما من شيء عبث بهذه الأذهان المستعبدة سوى هذه الأهواء الجارفة، التي تمتد رذيلتها إلى شعاب كثيرة في الأفكار والأعمال، منها هذه المدائح الفارغة التي تطل علينا كل يوم من ملحق ثقافيّ أو كتاب أدبيّ.
وقد يتصدى لهذا المادح آخر من شكله يمتدحه وهكذا في سلسلة من المدائح والاعتناء والاحتفاء المقصود.
خذ حداثيًا آخر يمتدح الغذامي وأدونيس وآخرين فيقول في رسالة موجهة إلى الغذامي:(إني أرشحك أن تكون جبيننا المرفوع أمام المبدعين الآخرين، ووجهنا المضيء في كل احتفال مبهج بالكلمة والإيقاع، كما عبد العزيز المقالح في اليمن، وعز الدين إسحاق في مصر، وماجدة السامرائيّ في العراق، وكما أدونيس في الوطن العربيّ كله أجدني أبتهج بك)(١).
وأعمال الامتداح هذه على ما فيها من الفجاجة والمعابة هي -في اعتبار هؤلاء- حق خالص لا ينازعهم فيها منازع، ولطالما سعوا بالثلب على الشعراء الأقدمين، في سفاهة وبذاءة، من أجل أنهم امتدحوا ملوك المسلمين وسلاطينهم وأمراءهم وخلفاءهم، أمّا هم فقد ارتكسوا في مدح الشيوعية ورموزها ومبادئها، والغرب ومبادئه، والإلحاد وسخافاته، والانحرافات الخلقية وأصحابها.
فإذا تأمل العاقل هذه التناقضات الهجينة وجد أن هذا الدخول الجريء المستبشع، وهذا المركب الخبيث الذي ركبوه، هو الذي جرهم إلى أشباههم وأهل ملتهم من الحداثيين والعلمانيين، فانبعثوا في ولاء تام لبعضهم حاملين ألوية الضلال والإضلال.
وإذا كانوا قد قرروا أن الإيمان والتوحيد هو أساس التخلف، وأن