للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإعلام، وحرصه على توصيل كلامه المكتوب إلى البشر، هي من أطرف التجارب التي تعلمنا أن القصيدة التي لا تخرج إلى الناس هي سمكة ميتة أو زهرة من حجر) (١).

وفي جواب آخر تفوح منه رائحة الإلحاد والسخرية باللَّه العظيم -جلَّ وعلا- يواصل فكره الخبيث وأقواله الضالة قائلًا: (لا أزال أصر على أن السماء لا تعرف أن تكتب شعرًا، وأن الشعر محصور بالإنسان، هو بالإنسان فقط. . . القلب الإنساني قمقم رماه اللَّه على شاطيء هذه الأرض، واعتقد أن اللَّه نفسه لا يعرف محتوى هذا القمم ولا جنسية العفاريت التي ستنطلق منه، والشعر واحد من هذه العفاريت) (٢).

قال اللَّه تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)} (٣).

ويستطرد قباني في تأليه الشعر والشعراء وجعلها عبادة من العبادات فيقول: (كل كلمة شعرية تتحول في النهاية إلى طقس من طقوس العبادة والكشف والتجلي. . . كل شئ يتحول بالشعر إلى ديانة، حتى الجنس يصير دينًا. . . إنني أنظر دائمًا إلى شعري الجنسي بعينى كاهن، وأفترش شعر حبيبتي كما يفترش المؤمن سجادة صلاة. . . .) (٤).

ونجد مثل هذه المعاني عند أنسي الحاج مما يؤكد أن الملة الحداثية الواحدة تنبثق من أصل واحد وإن اختلفت فروجها، أتواصوا به بل هم قوم طاغون.

ففي مقابلة أجريت مع أنسي الحاج سئل: (ما الذي تقصد إليه عندما تقول إن الشعر تغيير؟).


(١) المصدر السابق: ص ١٧٨. وانظر: ص ١٨٧.
(٢) أسئلة الشعر لمير العكش: ص ١٩٥.
(٣) الآية ١٤ من سورة الملك.
(٤) أسئلة الشعر: ص ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>