للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين يشركون باللَّه ويكفرون به، ثم يدّعون بكل صفاقة وحمق أنهم هم المؤمنون حقًا!!.

وهذه الدعوى التي يرددها طواغيت الحداثة والعلمانية في كل مكان من بلدان المسلمين، يؤلهون غير اللَّه ثم يزعمون التوحيد ويعبدون المناهج والنظم والفلسفات والتجمعات الجاهلية، ثم يزعمون أنهم مؤمنون باللَّه ومتبعون لشريعته ولرسوله.

ولنختم بشهادة جهاد فاضل الناقد الحداثي الشهير التي يؤكد فيها أن القوم ألهوا الحداثة وقدسوها، وذلك في قوله: (لا يمل هؤلاء ترداد كلمة الحداثة على مدار ساعات النهار، وكلمة الحداثة عند هؤلاء تشبه كلمة اللَّه التي يرددها دراويش المولوية في ساعات الجذب والوصال حتى تتخدر منهم حواسهم والأوصال فيرتمون أرضًا. . . .) (١).

وهذا هو السبب الذي يدفع الحداثيين إلى الاستماتة في الدفاع عن صنم الحداثة الذي عبدوه وقدسوه، فلا يقبلون فيه نقدًا ولا يسمعون فيه ثلبًا، كما كان كفار العرب لا يقبلون ذم آلهتهم المعبودة من دون اللَّه.

إن تأليه الحداثيين لغير اللَّه، واستهانتهم واستخفافهم بلفظ الإله، وتقليد الوثنيين في كل ذلك، معلم أساسي من معالم الحداثة العربية، وهذا الذي دفع لجنة الشعر المصرية إلى رفع مذكرة إلى نائب رئيس الوزارة، ووزير الثقافة والإرشاد القومي سنة ١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م، والتي كان من بنودها أن الشعر الحديث يعكس روحًا منافية لروح الثقافة الإسلامية كفكرة الخطيئة والصلب والخلاص، كما أن فيه تهاونًا كبيرًا في استعمال لفظ الإله كأنها لا تزال تحمل دلالتها عند الوثنيين ولم تتخذ في الإسلام معنى خاصًا يجب احترامه مهما كان السياق الذي ترد فيه (٢).


(١) قضايا الشعر الحديث: ص ١٥١.
(٢) انظر: اتجاهات الشعر العربي المعاصر: ص ٢٤، وذكريات الجيل الضائع: ص ٩١، والقصيدة الحديثة وأعباء التجاوز لابن عقيل: ص ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>