للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقول ناقدة حداثية متعصبة، مبينة أصل فكرة إلغاء ألوهية اللَّه تعالى وتأليه الإنسان، وأثر ذلك في الحداثة والعلمانية: (أصبح الإنسان مع نزع هالة التقديس والألوهية عن الكون ومدبره، أصبح يقع في مركز الكون ويشكل مبدأ القيم والغايات، وعندئذٍ ترسخت الحركة الإنسانوية، توقف الإنسان عن الدوران حول المقدس، وحلت مشروعية إنسانية جديدة محل المشروعية الدينية السابقة، ونتج عن ذلك أخلاق جديدة وقوانين جديدة تنطبق على البشر دون اسشثناء ودون اعتبار اللون والعرق أو المذهب والدين. . . .) (١).

ثم تضيف بعد كل هذا الإلحاد والكفر والضلال إضافة في غاية المغالطة والجهل والاستخفاف بعقول القراء، فتقول: (والعلمنة لا تعني الإلحاد، إنّما تعني حرية الاختيار واتخاذ موقف فلسفي أمام مشكلة المعرفة، فالكثير من العلمانيين مؤمنون حقيقيون ولكنه ليس إيمان التبعية والجهل. . . فقط كل يمارس طقوسه وشعائره، كما يهوى ويريد، وربّما لا يمارسها، ولكن توقف الدين عن فرض سيطرته وتشريعاته على الحياة السياسية والاجتماعية، العلمنة هي الموقف الحر للروح أمام مشكلة المعرفة) (٢).

قال اللَّه تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤)} (٣).

طبيعة الكفر واحدة وإن تنوعت الأزمان، وحججهم تعود إلى أصل واحد وإن اختلفت الفلسفات والاتجاهات، وهل من قول أشد تطابقًا في فتنته وعماه من قول هؤلاء المعاصرين مع أسلافهم من الكافرين والملحدين


(١) المصدر السابق ٢ صيف ١٩٩٠ م/ ١٤١٠ هـ: ص ١٠٢ من مقال لأنيسة الأمين بعنوان "امرأة الحداثة العربية".
(٢) المصدر السابق: ص ١٠٣.
(٣) الآيتان ٢٣ - ٢٤ من سورة الأنعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>