مستشهدين بكلامهم، مسترسلين في إطرائهم، وجعلهم قدوات وأساتذة للأجيال، وهذه ليست فيها مواربة ولا اختفاء لا من حيث وقوعها، ولا من حيث أنها تخالف أصل الولاء والبراء.
أمّا قضية أننا نأخذ جماليات الحداثة وأشكالها، ونعرض عن مضمونها فإن ذلك غير ممكن؛ لارتباط الحداثة شكلًا ومضمونًا بفلسفة تقوم على مجافاة الدين، ومحاربة الإسلام، ونقض الإيمان، ومعاداة الوحي، ثم لأن أصحاب الحداثة وروادها يرفضون بإصرار وباستمرار فصل الشكل عن المضمون، ثم إن هذا المعتذر للحداثيين يعلم مدى تأثير وسيلة التعبير وشكله في المضمون، كما يعلم تأثير لبس المسلم لملابس الغربيين على خلقه وسلوكه.
إنه بدعوته هذه يدعو إلى فصل غير ممكن ولا معقول، وهو بمثابة من يقول: أتعلم من رؤية أفلام الجنس كيفية التصوير وفنياته، أو أتعلم من كتب اليهود والنصارى التعابير الفنية، أو آخذ من كتب الزنادقة التركيب الفني والأسلوب الجمالي!!.
وههنا سؤال يفرض نفسه على هذا الكاتب وأضرابه من الذين التبس عليهم حال الحداثة والحداثيين: في أي فسطاط يُمكن أن تضع كلام الحداثيين المنحرف، والمخالف للإيمان، المناقض للإسلام من السياب والبياتي حتى علاء حامد؟، أفي فسطاط الإيمان والإسلام والإحسان، أم في فسطاط الكفر والضلال والفساد والفسق والانحراف؟.
وما مهمة هذا الكتاب إلّا إثبات حقيقة أن الحداثة في واد وضفة غير وادي الإسلام وضفته، بل الحداثة في العدوة القصوى، والإسلام وأهله في العدوة الدنيا، وأسأل اللَّه ألا يكون هذا الكاتب وأشباهه في الركب الأسفل.
ومن أمثلة انحرافهم في زعمهم عبثية الوجود والحياة والإنسان: قول صلاح عبد الصبور: