للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حول هذا المعنى ففي سياق دراسته للمجتمع الإسلامي من وجهة نظر ماركسية، يقول مؤلف كتاب "حداثة السؤال": (إن مجتمعنا، كمجتمع أبيسي، لاهوتي، تراثي، قبائلي، تحتضن فيه الواحدية الوثنية، لم يستنطق بعدُ ذاته، وقد كان من الممكن أن يتم لهذه الآثار المحفورة في وعينا ولا وعينا تدمير وإبدال، بمعاول الماركسيين العرب وسواعدهم لو أنهم ساءَلُوا آثار الذات وأشباح الحداثة) (١).

هذا هو الطرح الحداثي الذي يقلب الحقائق ويغالط في البراهين، يسمى التوحيد وثنية، ويجعل الماركسية والحداثة -وهما من أوثان العصر- أداوة إبدال وتطوير وتقدم.

للحداثة أدغالها ومتاهاتها التي جعلت القوم يتيهون في أودية وشعاب الهلاك والضلال، ومع ذلك فمثابتهم الأولى وأسسهم الأصلية محاربة التوحيد والإيمان، ومناقضة الإسلام، ابتداءً من ترسيخ مبدأ الإلحاد في جحد وجود اللَّه أولًا ثم جحد ألوهيته ثانيًا، ثم جر البشر في مستنقعات الذل والهوان الإلحادي الجاهلي.

ها هو مؤلف "حداثة السؤال" يتحدث عن تعددية الواحد والمراد به اللَّه تعالى أولًا أو ما يسميه المؤلف الحداثي "المطلق" و"المتعالي" فيقول: (هو الواحد الذي لا يتعدد ولا يقبل بالتعدد. . . إنه اسم لا عدد كما حددته المتعاليات الإسلامية، هو الواحد الذي لا يسمح بتصريف جوهره، يلغي ما يمحو اسمه، وما يستحضر عدديته، ينسل من التاريخ ليحل محله المطلق:

أحد، أحدية، واحد، واحدية هذا التصور المتعالي للفاعل في الطبيعة والحضارة مترسخ في وعينا ولا وعينا، نرى إليه ناسجًا انتشاريته في عموم العالم العربي. . .، إن التحرر هو الجواب الرئيس على السؤال الرئيس الذي


(١) حداثة السؤال لمحمد بنيس: ص ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>