يعاين اللَّه -تعالى اللَّه عما يقولون- بل ويجتلي سناه.
وهذا الشخص المجنون الصوفي الخرافي هو محور اهتمام صلاح عبد الصبور ومحور كلامه، وهو الإطار الذي يسقط من خلاله تصوره للدين وأهل الدين، وفي ذلك إيحاء كامل بجهل الشاعر أو إغراضه، فقد جعل العلاقة باللَّه تعالى وبالدين قائمة على أساس التبعية لهذا المجذوب، فلما مات فاحت رائحة جسده وطار نعشه وهي صور شعبية خرافية يتبرع بها الناس الجهلة في إضفاء أوصاف الخوارق على الدراويش والمجاذيب "مشايخ الدين" ولم يقف الشاعر عند هذه الصورة الخيالية الخرافية بل اتبعها بأنه قد تصرمت بموت المجذوب محي الدين أواصر الصفاء بينه وبين السماء، وكأن علاقة الإنسان بربه، علاقة مرتهنة بشخص، وأي شخص؟ مجنون يسمى الشيخ محي الدين.
وبالإضافة إلى هذه الصورة التهكمية للدين والعلاقة الواهية به، يريد أن يصل إلى الدين كله عبارة عن اختيار ساذج بسيط خرافي هش يُمكن اعتناقه أو تركه لأي علة أو عارض، وأن الدين -في حال اختياره- ليس سوى علاقة فردية بالسماء، قابلة للاعتناق والترك وفق مراد الشخص.