للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وان عارضهم في بعض الأوجه، ساق معارضته لهم في سياق من اللين واللطف والاحترام والخشية.

هذا فيما يتعلق برؤوس طواغيت الحداثة، أمّا ما يتعلق بالمذاهب والمناهج والسبل والأساليب فإن لها من الهيبة والمكانة والانقياد والاتّباع والطاعة والمحبة الشيء الكثير، الذي يدل بجلاء على أن انقيادهم للحداثة واتباعهم لها هو في حقيقته انقياد عبادي اعتقادي.

ناهيك عن القداسة المتعارف عليها بين الحداثيين حول كلمات مثل الإبداع والحداثة والتجديد والعقلانية والتنوير والعصرانية والتجاوز والتخطي وكسر المألوف والسائد ونحو ذلك.

أمّا الأسماء والشخصيات الحداثية والعلمانية فهي عندهم بمنزلة أعلى من منزلة الأنبياء وفي مقام أجل من مقام الإله العظيم -جلَّ وعلا-.

وليس هذا القول مجرد دعوى، بل هي الحقيقة تنطق بها مؤلفات وأعمال وأقوال الحداثيين، ولو لم يكن من دليل إلّا شدة دفاعهم عن الحداثة واستماتتهم في نشرها واذاعتها، وغيرتهم عليها، وولههم الشديد بها وبضلالها وانحرافاتها وشرها وفسادها وباطلها؛ لكان ذلك كافيًا.

وإنني لأجزم بأن امتداح الحداثة والدفاع عنها يتضمن في طياته امتداح الكفر والإلحاد والوثنية والانحراف والضلال؛ ذلك أن الحداثة كما مر معنا، وكما سيأتي -إن شاء اللَّه- لم تنفك عن هذه العقائد الضالة المنحرفة، ولا يُمكن لها أن تنفك.

فقد نبتت الحداثة الفكرية والأدبية في ذلك المرتع الوخم، ثم تدرجت في دركات الشرك والكفر وقطعت فيها أشواطًا بعيدة، فأصولها ثابتة في طينة تأليه الإنسان وأعماله، وجحد ربوبية اللَّه تعالى وألوهيته والتهكم والسخرية به تعالى وبدينه وبرسله وكتبه وبالغيب والقدر والشرائع، وفروعها مثمرة بشوك الإلحاد والدعارة والفساد.

ومطالعة يسيرة في كتب البياتي والخال ودرويش وقباني وأدونيس

<<  <  ج: ص:  >  >>