للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال جلَّ وعلا: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (١).

وقال سبحانه: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (١٦)} (٢).

وقال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (١١٧)} (٣).

وغير ذلك من الأدلة الدالة على أن الدين يؤثر في حياة الناس من خلال النفوس التي تحمله، والبشر الذين يطبقونه، على قدر إقبالهم على الدين وإعراضهم عنه وحملهم أو تركهم له، وتطبيقه كاملًا أو تطبيق بعضه، والتزام مقتضياته أو عدم التزامها، والفارق بين دين الإسلام وغيره من المناهج، أنه في ذاته هو المنهج الصحيح والصراط المستقيم، في حين أن غيره من المناهج قد دخلها التحريف مثل أديان أهل الكتاب، أو قامت على بناء جاهليّ مثل المناهج الوضعية عمومًا.

كما أن دين الإسلام يفترق عن غيره أن النفوس والعقول تتقبله؛ لأنه دين الفطرة، في حين أن غيره -وإن تقبلته بعض النفوس- يلقى نفرة من النفوس والفطر والعقول، ولذلك نرى أن مما تميز به دين الإسلام على غيره أنه إذا تشبعت به النفوس، نفوس الأفراد أو الشعوب أو الأمم، فإنها تكون أبطأ انحرافًا -حين تصيبها أسباب الانحراف- من النفوس التي تقوم على عقائد باطلة، كما أنها تكون أقرب للشفاء من الأمراض التي تصيبها من النفوس التي لا تعرف الدين الصحيح أصلًا.

كل هذا يمكن من خلاله أن نعرف الأدواء التي أصابت الأمة الإسلامية في تاريخها الطويل، كيف هبطت؟ ولماذا لم تحافظ على مكانتها


(١) الآية ٥٣ من سورة الأنفال.
(٢) الآية ١٦ من سورة الإسراء.
(٣) الآية ١١٧ من سورة هود.

<<  <  ج: ص:  >  >>