١٠ - تحوير معنى النصوص والمفاهيم الإسلامية، وتاويلها تاويلًا يخرجها عن مفاهيمها الحقيقية إلى أخرى بعيدة عن الإسلام.
هذه أهم سمات الشعوبية، ولكن هل كانت مجرد مذهب اعتقادي فكري بدأ في العصر الأموي واشتد في العصر العباسي ثم انتهى بعد أن مضت عليه السنون؟.
إن المتأمل في كتابات المستغربين العلمانيين والحداثيين يرى أنهم الامتداد الحقيقي للفكرة الشعوبية، والصورة الأكثر خبثًا أيضًا؛ ذلك أنهم -أو أكثرهم- أضاف إلى شعوبيته وبغضه للعرب أمة وجنسًا ولغة، بغضه للدين وإلحاده المكشوف وشركه باللَّه تعالى، وغير ذلك من أنواع الانحراف الاعتقادي والخلقي والعملي.
والدارس لتاريخ الصراع الفكري الحديث بين الإسلام وغيره يستطيع أن يكتشف أن دعاة التغريب الأوائل كانوا ينطوون على عقيدة شعوبية تخريبية، ولا مجال هنا لاستعراض خبايا هذه الطليعة المستغربة، ويكفي أن نستدل بواحد من أظهر مشاهيرها، وهو طه حسين، الذي شحن كتاباته بالتحامل على العرب والإسلام وخاصة كتابيه في الشعر الجاهلي ومستقبل الثقافة في مصر (١).
ثم توالدت هذه العقيدة الشعوبية إلى أن وصلت إلى الحداثيين الذين تشبعوا بأفكار وعقائد الغرب وذابوا في مذاهبه واندمجوا في فلسفته، فصاروا لسانه الناطق عنه، ولواءه المنشور في بلاد العرب والمسلمين، ومن الطبيعي أن يكون المتشرب لعقيدة مّا، لسانها المعبر عنها وحسامها المدافع عنها.
والحداثيون يعترفون -بافتخار أحيانًا وبانتقاد في أحيان قليلة- أنهم يعيشون التبعية للغرب فكرًا وسلوكًا وممارسة.
(١) انظر: كتاب الصراع بين القديم والجديد في الأدب العربي الحديث د/ محمد الكتاني ٢/ ١٠٩٤، ١٠٩٧.