للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسيحيين اعتبروا العروبة والفكرة الإسلامية -اللتين اعتبرتا مترادفتين تقريبًا- معاديتين للمسيحية ليس دينيًا فحسب بل حضاريًا، فاتجهت الطائفية المسيحية صوب المتوسط وأوروبا وأدارت ظهرها للصحراء والإسلام" وسيعلن دعاة القومية السورية -آنذاك قبل سعادة- ومعظمهم من المثقفين البورجوازيين المسيحيين "أن السوريين ليسوا عربًا، بل ليس هناك من أمة عربية، وكل ما في الأمر أن هناك قومية عربية مزعومة خلقها الأمير فيصل والعملاء الإنكليز الهنود، وقد أوضح جورج سمنة الناطق باسم هذا الفريق خطة إنشاء جمهورية سورية علمانية ديموقراطية اتحادية تحت حكم فرنسا") (١).

ثم يشير باروت إلى تقلص فكرة سورية الكبرى إلى حدود القومية اللبنانية إثر رفض المثقفين المسلمين الطرح النصراني السابق، فيقول: (. . . ستتقلص القومية السورية إلى حدود القومية اللبنانية، لدى عدد من الشعراء اللبنانيين المسيحيين وفي مقدمتهم شارل قرم وميشال شيحا (٢) وسعيد عقل (٣) الذين قالوا بوجود أمة لبنانية قائمة بذاتها، برزت في التاريخ للمرة الأولى في عهد الفينيقيين، واتخذت تدريجيًا شكلها الحالي، وبهذا المعنى أعيد خطاب الهوية إلى مرجع متوسطي "فينيقي في المعنى الضيق " ليبرر ارتباط السنجق اللبناني اقتصاديًا واجتماعيًا، حضاريًا وثقافيًا


= تحرير مجلة الدراسات الفلسفية الناطقة بالإنجليزية، درس في الجامعة الأمريكية في بيروت، وحصل على الدكتوراه في تاريخ الثقافة من جامعة شيكاغو، له مجموعة مؤلفات منها مقدمة لدراسة المجتمع العربي البنية البطريركية، صاحب اتجاه علماني لبرالي وثيق الصلة بالأمريكان، شديد الدعوة للعلمانية والحداثة وسحق النظام الأبوي، الذي يعني إبادة كل مرجعية ومن ذلك أنه يرى أن الحقيقة لا تأتي من الوحي الإلهي. انظر: الإسلام والحداثة: ص ٣٦٧ - ٣٨٢، ٤١٩.
(١) الحداثة الأولى لمحمد جمال باروت: ص ٢٤ - ٢٦، والنصوص التي بين الأقواس لألبرت حوراني في كتابه الفكر العربي في عصر النهضة: ص ٣٢٩، ٣٢٧، ٣٣٠، ٣٤٥، ولهشام شرابي في كتابه المثقفون والغرب: ص ١٢٤ - ١٢٥.
(٢) لم أجد لهم ترجمة.
(٣) سبقت ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>