للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنموذج الغربي، ولقد عبر ذلك عن تحول البورجوازية المسيحية الطائفية إلى بورجوازية كولونيالية (١).

فقد نظر ميشال شيحا (٢) (إلى أن لبنان جزء لا يتجزأ من العالم المحيط بالبحر المتوسط ذلك البحر المختار الذي جعلته العناية الإلهية، ضروريًا لتقدم الخليقة، وأن سكان شواطئه يشعرون بأواصر القربى حيثما التقوا). . . إن علمانية وليبرالية وعقلانية المثقفين البورجوازيين المسيحيين في مطلع عصر النهضة تنكسر هنا وتتحول إلى نقيضها على يد ميشال شيحا، الذي استعاض عن سورية بالسنجق اللبناني وعن العلمانية بالتنظير للانعزال الطائفي، وحفاظ كل طائفة على استقلالها الديني، وعن اللبرالية العقلانية (٣)، بليبرالية التعايش الطائفي، وفي ذلك كله، رأى شيحا الغرب كدوحة كبرى لثقافة السنجق اللبناني) (٤).

ثم يعود باروت إلى ذكر مجلة شعر مقصد المقدمة السابقة، فيقول: (بهذا المعنى تبدو "الأطروحة المتوسطية" في "حركة مجلة شعر" حلقة متمايزة من حلقات هذه الأطروحة في الفكر العربي في عصر النهضة، ولقد تعرف شعراء "حركة مجلة شعر" الأساسيين عليها من خلال تعرفهم على سعادة، وانخراطهم في مشروعية النهضوي "في مرحلة معينة على الأقل" رغم أنهم وظفوها في سياق مختلف، سياق التماهي بالنموذج الغربي كعودة إلى الجذور الحضارية، أي: إلى الأصول المتوسطية الواحدة لسورية والغرب، وبذلك تستعيد "حركة مجلة شعر" النموذج الغربي كاستعادة لأصولها المحلية) (٥).

ولا ريب أن مجلة شعر كانت في نشأتها وطرحها الثقافي تمثل هذا


(١) الكولونيالية حركة استعمارية استيطانية تقوم على فكرة لها رباط ديني أو قومي. انظر: الموسوعة السياسية ٥/ ٢٥٥، أمّا البورجوازية فقد سبق الحديث عنها: ص ٩٥.
(٢) هذه تسمية ادعائية تشابه الادعاءات العلمانية الكثيرة.
(٣) الحداثة الأولى لباروت: ص ٢٧ - ٢٨.
(٤) و (٥) الحداثة الأولى لباروت: ص ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>