للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التيار النصراني بكافة طروحاته الطائفية النصرانية (١) المشتملة على فكرة سورية الكبرى عند أنطون سعادة أو فكرة لبنان الفينيقي عند سعيد عقل وأضرابه، وقد كان لأنطون سعادة أكبر الأثر في ترسيخ هذه المفاهيم عند كافة الفئات بل إنه كما قال باروت: (. . . إن خطاب الهوية الذي بلوره، كان أيضًا خطابًا قوميًا بورجوازيًا علمانيًا قامت "مبادئه الإصلاحية (٢) " على فصل الدين عن الدولة، ومنع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء، وإزالة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب، وإلغاء الإقطاع وتنظيم الاقتصاد على أساس العلاقات الإنتاجية البورجوازية. . . .

تكون داخل مشروع سعادة اتجاه ليبرالي وجودي واسع من القمة إلى القاعدة، كان من متزعميه الشاعر يوسف الخال صاحب دار مجلة شعر ورئيس تحريرها، وقد أراد هذا الاتجاه أن يعبر عن سياسة الحزب في حقل الثقافة والفنون الجميلة. . .

. . . نمت داخل مشروع سعادة انكفاءات ميتافيزيقية مسيحية متطرفة تتناقض مع علمانية سعادة (٣)، كما كان من محبذي سعادة، وذوي الصلة المباشرة به الدكتور شارل مالك (٤)، أستاذ الفلسفة في الجامعة الأمريكية والمعروف بنزعته الغيبية والرجعية (٥) والانعزالية والكولونيالية، وقد احتضن


(١) انظر: وصف ذلك في مقال بعنوان الإسقاط الشعوبي بين الرمل والبحر لأبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري جريدة الجزيرة عدد ٤٨٢٦ في ٣/ ٤/ ١٤٠٦ هـ.
(٢) في الحقيقة أنها مبادئ فساد وافساد، ولكن العلمانيين على مذهب فرعون القائل: {وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}.
(٣) هذا من التلبيس والتناقض حيث أثبت سابقًا أن سعادة سبب هذه العصبية النصرانية التي عمت لبنان، وما علمانية سعادة إلّا وسيلة لتمرير عقائده وأفكاره، مثله في ذلك مثل ميشيل عفلق مؤسس حزب البعث.
(٤) شارل مالك مفكر وكاتب لبناني نصراني متعصب لنصرانيته، درس الفلسفة في الجامعة الأمريكية في بيروت، وكان من المؤيدين الأشداء لمجلة شعر وعصابتها. انظر: الحداثة الأولى: ص ٣٢.
(٥) هذا مفهوم علماني إلحادي يتلخص عند أصحابه في أن الإيمان بالغيب رجعية، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلّا كذبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>