جميع الفلسفات والمناهج والمذاهب الغربية التي جعلت من الإغريق وأوثانهم وفلسفاتهم أساسًا ومنطلقًا.
وإذا كانت الحداثة والمذاهب المادية الإلحادية والعلمانية في الغرب قد نشأت في ظروف تخصها وكانت نتاج أوضاع وظروف معينة، إذا كانت حداثة الغرب بهذه الكيفية، فإن الحداثة والعلمانية العربية ليست إلّا نسخة مستعارة منقولة بالنص إلى أوضاع وظروف مغايرة تمامًا لظروف الحداثة والعلمانية الغربية.
وبالرجوع إلى مراحل الصراع الفكري المادي الذي ساد الحياة الغربية إثر التسلط الكنسي وإلغاء العقل الإنساني وفرض الخرافة والجهالات، وتحريف الدين السائد بينهم؟ تبدو العلمانية والحداثة والمادية حركة إصلاح اجتماعي وعلمي تتمرد على كل هذه الضغوط والظروف العصيبة، بل إن الغرب بإقصائه الكنيسة عن التدخل في شؤون الحياة والدولة يبدو منسجمًا مع التصور الاعتقادي الموروث والمستند إلى المقولة المنسوبة إلى المسيح؟: "دع ما للَّه للَّه وما لقيصر لقيصر"، أمّا الحداثة والعلمانية في المجتمع المسلم، فليست سوى نبتة غريبة مستنبتة في غير أرضها وكل مضامينها الاعتقادية تؤكد أنها آيلة إلى زوال، ولكن ربّما بعد صراع طويلٍ دامٍ مثل صراع الإسلام في غربته الأولى مع الجاهلية الأولى.
إن الحداثة والعلمانية -وهذه علاقة عموم وخصوص- تعني بدعوتها إلى حرب الدين وفصله عن الحياة وإبعاده عن المناهج التي تسير نشاطات الإنسان، أنها تعني بكل ذلك الخروج الواضح الجلي على مبادئ عاشت عليها الأمة وتوحدت وازدهرت بها وخرجت بسببها من الظلمات إلى النور.
وإذا كانت الحداثة تعد في الغرب إنجازًا ثقافيًا حسب الظروف والمعطيات التي عاشها الغرب، فإنها تعني في العالم الإسلامي كفرًا ردة وتخلفًا ورجعية، وإذا كانت الحداثة في الغرب تستمد حياتها وروحها من وثنيات وأساطير الجاهلية اليونانية وغيرها؛ لأن ذلك أساسهم المعرفي