وبالمخطط الصليبي الذي رسمه مستشار وزارة المعارف خرجت أجيال لا ترى النور والخير إلّا فيما عند الغرب، ولا ترى الشر والضر إلّا فيما جاء به الإسلام، وهكذا أطبق بمخططه على أعناق الأجيال التي أصبحت بعد ذلك تتجه نحو الغرب بصواعية وبشغف، وتتلقى عنه المفاهيم والعقائد والممارسات ثم تعود لغرسها وتثبيتها في واقع الأمة المسلمة، من خلال التعليم والإعلام، ودور النشر، والمجامع الثقافية، والمدارس الأدبية، والصحف والمجلات والأندية والفن الذي أصبح يساوي العفن والانحراف والرذيلة، ولم يقتصر هذا التأثير على مصر، وإن كانت هي أوفر البلدان الإسلامية نصيبًا من الهجوم والمحاربة والغزو، ولكن الأمر كان أوسع من ذلك وأبشع، وذلك في المرحلة اللاحقة.
٥ - مرحلة الاستعمار والتي أعقبت الحرب العالمية الأولى، والتي نفذت فيها المقررات السرية لمؤتمر سايكس وبيكو، وقد سبق شرح ذلك في مقدمة هذا البحث، وذكر آثاره ونتائجه.
كل هذه المراحل وما تبعها من أحداث أدت إلى إيجاد أجيال جديدة مبتوتة الصلة مع تراثها وحضارتها، ملتصقة بالجسد الغربيّ الذي لا يرضى ولن يرضى إلّا أن تكون مجرد تابعة خاضعة منفذة للمآرب.
وأقلها خبثًا تلك التي كانت تقف موقف المشكك المرتاب إزاء كل ما يتعلق بالدين وتاريخ الأمة ولغتها ومستقبلها، وتقف موقف الهائب المستيقن إزاء كل ما يجيء من الغرب.
وإذا رحنا نتتبع آثار تلك المقدمات في مجال الفن والثقافة والأدب فإننا نجد أن هذا المجال هو أوسع الميادين تأثرًا بالتغريب، وأقواها تأثيرًا لصالح المشروع التغريبي.
وسوف أعرض في عجالة سريعة الملامح الأساسية في مجال الفكر والأدب: