للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الليبرالية، الحرية، الماركسية، الشيوعية، القومية. . . الخ، المنطق الديالكتيك العقلانية. . . إلخ/ الواقعية الرومنطيقية، الرمزية السوريالية. . . الخ، هذا من دون أن ندخل في ميدان العلوم، وبخاصة العلوم البحتة.

كيف نواجه، في ضوء هذا كله، مشكلية الحداثة في المجتمع العربي؟، ولكن قبل ذلك، ما الشيء الباقي لنا كخصوصية مميزة؟ الدين والشعر، وحتى الدين والشعر لابد من أن نتساءل حولهما: أي دين؟ وأي شعر؟. . .، هذه المشكلية هي ما أسميتها بصدمة الحداثة) (١).

إن أدونيس في هذا النص وغيره يحاول أن يؤصل قضية الإلحاق بالغرب ويجعل لها أصلًا في التاريخ الثقافي للمسلمين ويستند إلى وهم تاريخي ووهم معاصر، أمّا الوهم التاريخي فيتمثل في جعل ابن رشد أساسًا للاستناد إلى اليونان، وتبريرًا للانجراف الحداثي نحو الفلسفات اليونانية في محاكاتهم للحداثيين الغربيين، واستناده على ابن رشد يذكر يالحداثي المغربي محمد عابد الجابري، الذي حاول المحاولة ذاتها واتخذ من ابن رشد سندًا لاستعارة الأفكار العلمانية والحداثية من الغرب.

ولست هنا في موضع تفنيد أقوال ابن رشد، ولكني أقول قولًا كليًا يُمكن الرد به على هؤلاء المغالطين: لقد كان ابن رشد رغم دفاعه عن الفلسفة الأرسطية اليونانية صاحب ملة ودين، وكان أخذه من الفلسفة من أجل تقوية البراهين العقلية الدينية، والرد على شبه المغالطين، فالفلسفة اليونانية عنده مجرد آلة يستخدمها ابن رشد لنصرة الدين، أو لاكتساب المعارف وضبطها بضوابط معرفية فلسفية.

أمّا أدونيس وأضرابه من الحداثيين فإنهم يأخذون الحداثة بقلبها وقالبها الغربي المحتوي على الفكر والإلحاد والمادية والضلال والانحراف، أي أنهم يأخذون من الغرب ومن اليونان -جذور الغرب الفكرية- يأخذون ما يودون به هدم دين الإسلام والقضاء على الملة الإسلامية، ويستخدمون ذلك في تدمير القيم والمبادئ والشريعة والعقيدة وكل ما جاء به الوحي إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-،


(١) الثابت والمتحول ٣/ ٢٥٨ - ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>