للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصراع بين قيم الثبات التي تمثل الماضي، والتحولات المستقبلية.

ولم يعلم أن التقنية أصلًا منفصلة عن أي أساس فلسفي؛ لكونها حيادية تجريبية، لا علاقة لها بالمعتقد وليست مبنية على فلسفة مّا، أمّا الأفكار والعقائد والقيم والأخلاق فإنها لم تنتج هذه التقنية بل هي من أسباب استخدام التقنية، في التدمير والبلاء والفساد الكوني، وما نراه اليوم من الظلم الذي تمارسه الدول المتقدمة في التقنية، والإباحية والدمار، والبشاعة السلوكية والسياسية والاقتصادية، والتفكك الاجتماعي، وألوان الانحراف الكثيرة، كلها تبين مدى تأثير هذه العقائد المنحرفة والأفكار الضالة التي يريد أدونيس وسائر الحداثيين استيرادها، تحت ستار النتاج التقني، وسوف تكون هذه الأفكار والعقائد -يومًا ما- سببًا في تدمير هذه التقنية، وتدمير البشرية والحياة الطبيعية والفطرية في الأرض والبحر والجو.

وهنا نحن نرى اليابان قد تقدمت في أمور التقنية ولم تتخل عن أفكارها وعقائدها وعاداتها، فلماذا يصر الحداثيون العرب على مسخ هذه الأمة وربطها بدولاب الغرب؟، ألا يكفي أننا نعيش تخلفًا وتبعية تقنية محزنة؟ حتى يأتي هذا الباطني العميل ليطلب أن نتبع الغرب في الفكر والعقل حيث يقول: (إننا نمارس الحداثة الغربية على مستوى تحسين الحياة اليومية ووسائله لكننا نرفضها على مستوى تحسين الفكر والعقل، ووسائل هذا التحسين. . .) (١).

وهذا القول من أدونيس في الخلط بين التقنية والعقائد والأفكار، والدعوة إلى استيراد ما عند الغرب من فلسفات وثقافات وسلوكيات، ليس حصرًا على أدونيس، بل قاله كثيرون، واحتج به جم غفير من الحداثيين (٢).


(١) الثابت والمتحول ٣/ ٢٦٨.
(٢) انظر: مصداق ذلك في قضايا وشهادات ٢/ ١١٦ قول لعبد الرحمن منيف و ٢/ ٢٥٧ قول ليوسف الخال، وفي مجلة الناقد العدد ١٨ ص ٦٢ قول لصفوان حيدر، وفي الإسلام والحداثة ١٨٥ قول لجابر عصفور، وفيه أيضًا: ص ٣٢٨ قول لمحمد أركون، وفي ص ٣٥٥، ٣٥٨٨ له أيضًا، وفي الكتاب نفسه: ص ٣٧٨ قول لهشام =

<<  <  ج: ص:  >  >>