للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمخاطب هنا الشاعر العربي والمراد -بطبيعة الحال وظاهر المقال- التخلص من الإسلام؛ لأنه دعا في صدمة الحداثة إلى أخذ حضارة اليونان ومنطقهم وأكد أن لديهم معرفة حقيقية ليست في الوحي، وتطورًا في آلة التعبير ومضامينه ليست عند العرب، وأن العرب قد قصروا حين أخذوا بعض ما عند اليونان من علوم الآلة وتركوا المضمون (١).

وقد استجاب أدونيس لدعوة أستاذه أنطون سعادة إلى الحج إلى مقام الآلهة السورية حين أكد أن على: (الأدباء الواعين أن يحجوا ويسيحوا إلى مقام الآلهة السورية، فيعودوا من سياحتهم حاملين إلينا أدبًا نكتشف حقيقتنا النفسية ضمن قضايا الحياة الكبرى التي تناولها تفكيرنا من قبل في أساطيرنا التي لها منزلة في الفكر والشعور الإنسانيين، تسمو على كل ما عرف ويعرف من قضايا الفكر والشعور) (٢).

وانطلق أدونيس ابتداءً من تسمية نفسه بأدونيس إلى ما ملأ به كلامه من وثنيات وأساطير، ليكسب شرف وصف أستاذه سعادة ويكون من الأدباء الواعين، ولست هنا بصدد إحصاء كل ما ارتد إليه أدونيس من وثنيات وأساطير، ولكن أذكر ما علق به على مقطعين من ديوانه "وحدة اليأس" و"أرواد يا أميرة الوهم" قال: (اعتمد في أسلوب القصيدة، كما اعتمدت في قصيدة "وحدة اليأس" على الأسلوب الشعري القديم في قينيقيا وما بين النهرين. . . آمل في استخدام هذا الأسلوب من التعبير الشعري، أن أضع مع زملائي الشعراء الآخرين حجرة صغيرة في الجسر الذي يصلنا بجذورنا وبحاضر العالم) (٣).

وهكذا يكون الإحياء والتقليد الذين جعلهما أدونيس من نواقض النهضة.


(١) انظر: الثابت والمتحول ٣ - صدمة الحداثة: ص ٢٥٦ - ٢٥٩.
(٢) الصراع الفكري في الأدب السوري لأنطون سعادة: ص ٨٦.
(٣) الحداثة الأولى: ص ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>