للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هنا يتضح تمامًا أن المراد بكل هذه الزركشات اللفظية محاربة دين اللَّه، ونقض عرى الإسلام، وإبعاد الناس عنه تحت شعارات النهضة وعدم التقليد، والتحرر وغير ذلك، وفي النص الأول الذي نحن بصدده يذكر التقليد والإحياء باعتبارها عوائق للنهضة، غير أنه يسعى بكل جهده إلى إحياء الوثنيات اليونانية والفينيقية ويتهالك في هذا تهالكًا منقطع النظير، هذا مما يخص هذا المقام، وهناك الأحياء الباطني الذي امتلأت كتبه به وسوف يأتي ذكره لاحقًا إن شاء اللَّه.

ولقد فطن بعض كتاب الحداثة إلى هذه القضية الخطيرة في فكر وطروحات أدونيس، فقال: (قسم أدونيس التراث العربي إلى ثابت ومتحول، ونسب الثبات والاتباع إلى كل من كان عربي الأرومة، ونسب التحول والإبداع إلى كل من هو من أصول غير عربية، أو من أقلية دينية، أو طائفية، وهذه النتيجة التي يخرج بها المرء من قراءة كتابه الثابت والمتحول بأجزائه الثلاثة. . .) (١).

إن أبرز عملية تقليد وإحياء عاشها ويعيشها الباطني على أحمد سعيد أسبر، هو التسمي بأدونيس والانتاج المتواصل تحت مظلة هذا الوثن خاصة، وغيره من الأوثان على وجه العموم.

إذا كانت النهضة لا تكون بالتقليد والإحياء، فما باله يحيى الأوثان الجاهلية ويعتنق مضامينها الفلسفية والاعتقادية ويذيعها وينشرها ويدعو إليها؟!!.

إن وراء هذه الدعاوى ما وراءها، وإلَّا فلماذا هذا التناقض العريان؟.

يقول في زمن الشعر: (ينبغي على الشاعر المعاصر، لكي يكون جديدًا حقًّا، أن يتخلص من كل شيء مسبق، ومن الآراء المشتركة جميعًا) (٢).


(١) أفق الحداثة وحداثة النمط لسامي مهدي: ص ٤٣.
(٢) زمن الشعر: ص ١١. وانظر للمقارنة ما كتبه عنه سامي مهدي في أفق الحداثة: ص ١٩١ في أن أدونيس ينتقد المحاكاة والاقتباس وهو يمارسها. وانظر: كتاب أدونيس منتحلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>