للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم تقتصر اهتمامات صايغ بالتوراة والدين اليهودي على هذا البحث، بل شارك في تحرير مجلة الجامعة الأمريكية المسماة "الكلية" الصادرة باللغة الإنجليزية، ثم كان المحرر المساعد لها لموادها العربية، وقد كتب مقالًا بالإنجليزية في كانون الثاني يناير ١٩٤٤ م الموافق محرم ١٣٦٣ هـ بعنوان "الخادع الأكبر" يعرض فيه ثلاثة مواقف من المرأة كما وردت في سفر التكوين والأدب اليوناني، وفي مجلة الكيلة يكتب مقالًا عن المعري، يربط فيه إبداع المعري وتفوقه -حسب رأيه- بالكهنة النصارى وأسفار التوراة (١)، وليس بالأدب العربي ولا بالثقافة العربية ولا بالإسلام ولا بشيء من ذلك، وفي ذلك دعاية واضحة إلى الأخذ من هذا المعين الذي يراه سببًا في تميز المعري الذي قال عنه: (لم يهتم أبو العلاء بما كان يهتم به الشعر العربي من مواضيع لا تبتعد إلا بالنادر عن الحواس، ولم يتأثر بالمميزات العربية في الأدب، أو بما كان ذلك الأدب يستلهمه، بل استلهم بيئته وحدها، وحوى برأسه الثقافة المنغمسة بالغرب، والتي وصلت إليه عن طريق معلمي اللاذقية وكهنتها. . .، وأثرت فيه بعض كتابات أسفار التوراة، هذه كلها لم يستمدها إلا من حضارة بلاده، ولم تكن لتوجد إلَّا في بلاده، فنظم ونثر وحلق في تفكيره وتخيله واهتم بالمجردات، ورحل إلى العلاء، وحرر الشعر من النزعة الهيمية، وبحث في المجتمع فانتقده، وبكل المثل البائدة فندد بها، وبالمرأة فقذفها بأبياته الساخطة، وقاتل في سبيل حرية الفكر فخرج شاعرًا وشاعرًا فريدًا، يستمد تفكيره ومزاياه وشخصيته من بلادنا، وتتمثل امتنا فيه) (٢).

وعلى ما في هذا الكلام من مغالطات وأكاذيب وافتراء على الحقيقة والتاريخ (٣) إلا أنه يحتوي من عبارات الدعاية للانغماس في الغرب -حسب تعبيره- والأخذ عن كهنة النصارى وأسفار التوراة ليكون الشاعر مبدعًا


(١) انظر: المصدر السابق: ص ٣٥.
(٢) المصدر السابق: ص ٣٥.
(٣) انظر رد الشيخ محمود شاكر على النصراني الآخر لويس عوض في قضية دعواه أن المعري تأثر بالنصارى في كتابه النادر أباطيل وأسمار، ففي الرد عليه رد على توفيق صايغ أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>