للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعالميًا ومتطورًا، وهذا نموذج من نماذج التدليس الحداثي الذي استخدمه نصارى العرب في الدعاية للانحرافات الاعتقادية واتباع الملل الأخرى، تحت شعارات الإبداع والتجديد والانفتاح على الفكر العالمي، فأتبعهم في ذلك من اتبعهم من أبناء المسلمين وانسلخوا عن دينهم، وصاروا يقومون بالدور نفسه، في أجواء من فتن الشبهات وسقم الأفكار والعقائد والضلالات.

وفي وسط غبار التشويش النصراني الحداثي يصف أحد الكتاب النصارى الحداثيين العرب معالم الأدب العربي الحديث بعد الحرب العالمية الثانية، ويتعرض للبعد الديني ذاكرًا النصرانية ثم اليهودية التي ختم بالكلام عنها قائلًا: (وسواء أكانت اليهودية ديانة فراتية أم صحراوية أم مصرية، فإنها تظل من جملة ديانات الشرق الأوسط، أو الشمال الأفريقي، فإنها على كل حال لم تحارب كديانة غريبة عن المنطقة، وإنَّما استخدمت من أجل مآرب قومية وإنشائية) (١).

فلماذا كل هذا التسويق والتهوين وفرض منطق الأمر الواقع؟ أنها المآرب القديمة الجديدة كما أخبر اللَّه تعالى عنها وعن أصحابها: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ} (٢).

ولسائل أن يسأل: هل امتد تأثير العقائد اليهودية والرموز التوراتية؟.

والجواب عليه بما سبق، وبما سوف نذكره لاحقًا من شواهد وبينات في هذا الصدد، فها هو أدونيس يؤكد أنه في قصيدة "أرواد يا أميرة الوهم" اعتمد فيها (على الأسلوب الشعري القديم في فينيقيا وما بين النهرين، وهو الأسلوب الذي ورثته التوراة في أروع أشكاله وتأثر به كثير من شعراء أوروبا وطوروه وآمل في استخدام هذا الأسلوب من التعبير الشعري، أن أضع مع


(١) النزوحات الكبرى لحنا عبود: ص ٣٥.
(٢) الآية ٢١٧ من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>