للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يناقض قول حبيبة النبي سليمان إذ تصف نفسها بالجمال وهي سوداء مثله، ثم يورد نصًا من التوراة تقول فيه: (أنا سوداء ولكني جميلة يا بنات أورشليم كأخبية قيدار وكسرادق سليمان. . .) (١).

وفي المقدمة نفسها يشرح صحابها المكونات الثقافية للفيتوري فيذكر أنه (قد حفظ القرآن، وقرأ سفر أرميا، ونشيد الأناشيد. . .) (٢) إلخ.

وهكذا تصبح التوراة جزءًا من المعلومات العلمية التي يفاخر بها أبناء المسلمين!!، فإذا تتبعنا عند الحداثيين مقدار الألفاظ والمصطلحات الإسلامية في كلامهم فإننا نجد نسبة قليلة جدًّا إزاء المصطلحات والرموز الوثنية واليهودية والنصرانية مما يؤكد شهادة أحد الغربيين الذين نظروا إلى ظاهرة الحداثة وما بعد الحداثة عند الحداثيين فأكد أنهم مصابون بانفصام الشخصية، عدميون صنميون (٣).

ولا ريب أن الحداثيين العرب الذين شربوا من كل مورد، عدا الإسلام وعرفوا كل الثقافات، وقرأوا كل الكتب إلا القرآن، وهو ما ذكره أحد النقاد الحداثيين قائلًا: (. . . اعترف أحدهم، ولا أريد أن أسميه الآن، بأنه لم يقرأ القرآن أساسًا. . في اعتقادي أن شاعرًا عربيًا يكتب بلغة عربية ويدعي الحداثة والتميز لم يقرأ القرآن، ولم يقرأ أي شيء من أصول النقد العربي أو الشعر العربي القديم، كيف يُمكنه أن يكون شاعرًا وحتى حداثيًا) (٤).

فإذا انتقلنا من مجال التأثر باليهودية في النتاج الفكري والأدبي، إلى مجال التأثر العملي المباشر بهم، غير ما أسلفنا ذكره في مقدمة هذا الملمح، فإننا نجد أن طائفة من حداثيي فلسطين ممن يطلق عليهم "شعراء الأرض المحتلة" كانوا أعضاء في حزب "راكاح" الشيوعي الإسرائيلي!!،


(١) ديوان الفيتوري ١/ ٢٦.
(٢) المصدر السابق ١/ ٤٦.
(٣) انظر: قضايا وشهادات ٣ شتاء ١٩٩١ م/ ١٤١١ هـ: ص ١٩.
(٤) قضايا الشعر المعاصر لجهاد فاضل: ص ٣٩٠، وهذا القول للناقد عبد الرزاق عبد الواحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>