من أمور العلوم الجادة، لما في الأدب من فسحة في تصريف الأقوال وتركيبها، ولما وُهب له من أحقية مزيفة على مدار التاريخ في تجاوز الحدود والضوابط الشرعية.
فطن هؤلاء لهذه الخاصيات فامتطوا صهوة الأدب ليعبروا من خلاله إلى مراداتهم، بل لقد جعلوا الأدب محضنًا للعقيدة والفكر، واستنبتوا فيه رموزهم ومضامين عقيدتهم، ووجهوه إلى المولعين بالعشق الفني، الذي يصعب على أكثرهم أن يفصل بين عشق النموذج الفني، وما يحتويه من مضامين فكرية، بل إن هذا الفصل لا يتأتى للمولعين؛ لما في الولع من عمى عن رؤية العيوب، ولما في أصحابه من جهل بالقواعد الاعتقادية والأصول الشرعية التي يجب الاحتكام إليها.
من هنا دخل الداخل على المسلمين، وتسنم سنام الأدب الحديث الظلاميون الخارجون من أقبية الكنائس، وسراديب الباطنية، وأنفاق الثقافة الغربية المادية.
وانطلق كل حاقد وفاسد يسيح من خلال وسائل الترويج المسيطرة من صحافة ومؤسسات ومنتديات وندوات، ليبث حقده وفساده، ويقتنص هواة الأدب، الضعفاء في دينهم وفي عقولهم، يستهوي هؤلاء الأبرياء ويستقطب كل متعطش للشهرة أو مرتزق بالثقافة والفكر، ليصبحوا في ثُبةٍ واحدة يشتمون دينهم ويسخرون من أمتهم، وينالون من عقيدتهم، وينادون بالتثليث والصلب والخطيئة والتكفير والفداء، وألوان كثيرة من خرافات الوثنيات والجاهليات المنقرضة.
فإذا بالمسلمين بعد حقبة من الزمان يرون في كل قرية أكابر مجرميها من أبنائها، يسعون في الأرض فسادًا وتخريبًا وتدميرًا، ويدأبون في تنفيذ ما تلقوه عن أساتذتهم من إرادة تدمير لديننا وكياننا ولغتنا وأخلاقنا.
وفي الجملة لا يوجد أديب ولا مفكر نصراني إلّا وقد وظف عمله الصحفي أو الأدبي أو الفكري في سبيل إيذاء المسلمين في دينهم وعقيدتهم أولًا، ثم في أخلاقهم وسلوكهم، ثم فيما يتلو ذلك من أمور الوحدة والانتماء والكيان والأمة واللغة.