للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا أقلية ضعيفة فاستمدوا القوة من نشاطهم الدائب في الصحافة وغيرها، ومن أهل دينهم في الغرب، فأصبحوا قوة يخشى منها ويحسب حسابها، ويرجى رضاها.

الجانب الثاني الذي اهتموا به واستفادوا منه غاية الاستفادة جانب اللغة والأدب.

ففي اللغة أصدروا القواميس والمعاجم، وشكلوا المجامع اللغوية، وشاركوا فيها بفعالية، ويكفي أن نعلم أن نصارى لبنان على وجه الخصوص استطاعوا بهذه الهيمنة اللغوية أن يمرروا على المسلمين مضامين الكفر والشرك في لبوس من عبارات خادعة.

مثل لفظ "العلمانية"، والتي هي في الانجليزية (SECULRISM) والترجمة الحقيقة لهذه الكلمة هي "اللادينية"، ولا صلة لهذه الكلمة بالعلم ولا بالمذهب العلمي مطلقًا، وإنَّما صبغ نصارى العرب هذه العقيدة بهذا الاسم لإيهام الناس زورًا أنها لا تعارض الإسلام، لئلا تنفر نفوس المسلمين من الترجمة الصحيحة التي هي اللادينية، وبذلك استطاعوا أن يمرروا هذا المذهب بكل ما يحويه من كفر باللَّه ورسوله باسم العلم (١).

ومنذ أن أشيعت هذه العبارة تحت غبار التدليس والكذب الفكري أصبحت سمة تميز فكر الذين يناهضون الدين، ويرون عزله عن الحياة، وأضحت تمثل ذلك الاتجاه المبتعد عن الدين في نظم الحياة التربوية والتشريعية والسياسية والاقتصادية والثقافية. . . إلخ، وفي اللغة تبنوا دعوات تدميرية للغة العربية (٢).

أمّا الأدب فقد فطن النصارى إلى أهميته في إيصال مضامينهم وعقائدهم ورموزهم، لما في الأدب من جاذبية وطلاوة محببة للنفوس، وخاصة نفوس الناشئة الذين تستهويهم أمور الجماليات الفنية والترفيهية أكثر


(١) انظر: المباحث النفيسة حول كلمة العلمانية وأصولها وترجماتها واستعمالاتها ودلالاتها في: كتاب جذور العلمانية د/ السيد أحمد فرج: ص ١٠٦ إلى نهاية الكتاب.
(٢) انظر: الإحالة على مواقفهم من اللغة العربية في ص ٧١٤ - ٧١٨ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>