للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يتوقف يوسف الخال في طموحه النصراني عند استلهام تراثه وترديده في مجال الأدب والتأليف، بل يتجاوز ذلك إلى واقع عملي، في دعوة صريحة إلى إقامة مجتمع وكيان نصراني، يقول: (. . . لا ألام إذا أنا سعيت إلى إيجاد مجتمع غير مسلم، أو بمعنى آخر: مجتمع مسيحي أعبر فيه عن نفسي، وأحقق فيه كياني، وهنا نضع يدنا على حقيقة الحركات التي قام بها غير المسلمين من العرب، لإقامة مجتمع أو وطن خاص بهم، لقد نجح المسيحيون العرب، أو بعض المسيحيين في إقامة الوطن اللبناني، وهم لا يلامون على ذلك إذا، ما داموا لا يعتبرون عربًا، لمجرد أنهم غير مسلمين) (١).

ترى ماذا سيقول الحداثيون من أبناء المسلمين الذين جروا خلف السراب الحداثي؟.

رجل يعلن نصرانيته، وينادي بفصل الأمة وتفكيك كيانها، وغرس كيانات نصرانية غير عربية!! ثم يتخذه الأغمار المغفلون قدوة وأسوة ونموذجًا!!.

إن المطلع على الطرح النصراني في شعر الخال يستطيع أن يصل إلى هذه النتيجة بكل بساطة، فكيف وقد أضاف إليها اعترافاته الصريحة بمضمون عمله الشعري والفكري، ومضمون إرادته السياسية.

إنها قصة التنصير الدامية من أيام صلاح الدين الأيوبي -رحمة اللَّه عليه- إلى عهد مجلس الأمن وحق الفيتو وحلف الأطلسي، ولكن المنطفئة عقولهم لا يعقلون، ولا يريدون أن يعقلوا.

ويفتخر الخال بقيام الكيان النصراني في لبنان ويعتبر وجوده في أرض العرب أعظم تجربة إبداعية في تاريخ العرب الحديث (٢).

وسبب إعجابه بذلك أن هذه التجربة الإبداعية -لاحظ التسمية-


(١) أسئلة الشعر: ص ١٥٨.
(٢) المصدر السابق: ص ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>