المركزية التي تحدثت عنها، والحضارة الأوروبية اليوم ليست بالمعنى الجغرافي، وإنَّما هي حضارة إنسانية مركزها أوروبا. . .، والعرب لا يكونون بالفعل ناهضين إلَّا حين يعتبرون شكسبير شاعرهم كما هو شاعر الإنجليز، ويفخرون به، وأظلم مصير ينتهي إليه العرب هو استمرارهم على الفصل بينهم وبين سواهم. . .
وإذا كان الإسلام حقيقة، فيجب أن يصمد أمام جميع التحديات ويتغلب عليها ويقوى بها، وأمَّا إذا لم يكن حقيقة، فعبثًا الانكماش والتخوف والقوقعة، فمثل هذا الموقف يدل على أن المتقوقعين لا يثقون بالإسلام. . .
أما كيف أكون ثائرًا ومسيحيًا في آن واحد، فأنا مسيحي بالمعنى الذي ذكرته لا بمعنى الممارسة، أنا مسيحي تراثيًا، أي: أنني أحمل نظرة في الوجود مستمد من المسيحية وتجدد مفاهيمها عبر التاريخ) (١).
وهكذا تتضح عقيدة الخال التي كون عليها مع أضرابه -سعادة والصايغ وغيرهم- فكرة الحضارة المتوسطية التي تعني التموزية والنصرانية والالتصاق بالغرب، والبعد والنفور عن المسلمين وتاريخهم، ويربط الحضارة المادية في أوروبا بالنصرانية، ثم يجعل لزامًا الأخذ عنها والارتباط بها، ولا بديل لذلك عنده إلا التخلف.
وهذا النوع من الطرح التدليسي انطلى بالفعل على أكثر أبناء المسلمين المبهورين بالغرب، فربطوا بين التقدم التقني والأفكار والمعتقدات والأخلاق، ولما ذهبوا إلى هناك يدرسون ويتعلمون ويرزحون تحت وطأة التبعية والاندهاش جاؤوا إلى بلاد المسلمين بالشق الفاسد المنحرف من الحياة الغربية: العقائد والأخلاق، وتركوا الشق النافع وهو أمور الحياة المعيشية من تقنية ومخترعات وما شابه ذلك.