الجهة التي يصدر عنها، فإن كان صادرًا عن اللَّه تعالى ونبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- وشرعه ودينه فهو إيماني إسلامي، وإن كان صادرًا عن غير هذا فهو جاهلي.
هذا هو محور الخلاف بين الإسلام وأهله والكفر والنفاق والزندقة وأهلها، وهو خلاف يؤثر في التناول والطرح والتفكير والمعالجة عند الطرفين المتقابلين، كما يؤثر في الأعمال والأحكام والتصرفات؛ لأنه لا مجال للالتقاء بين الكفر والإيمان والردة الإسلام {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)} (١).
ومن هنا جاءت إشكالية الصراع بين الحداثة والإسلام والعلمانية والإسلام، وسوف تبقى هذه الإشكالية، ويزداد أوار الصراع حتى يقضي اللَّه بنصرة أوليائه.
وليست المشكلة بين هذين الاتجاهين ما تصوره بعض الأقلام المريضة أو الجاهلة، أنها مشكلة صراع بين قديم وجديد، وتقدم وتخلف، وشرق وغرب، إلى غير ذلك من الدعاوى والتوصيفات الساذجة أو المغرضة.
الحقيقة كل الحقيقة، أن أساس الصراع وميدانه هو التناقض الموجود بين هذين الاتجاهين في أصل التصور والتلقي والفهم، وكل ما يتبع ذلك من مفردات فهو فرع عن هذا الأصل، فالمسلم الذي يحاكم نصًا حداثيًا يسخر من السنة أو الصحابة أو الشعائر أو يدعو للرذائل الخلقية أو ينادي بالتحرر النسوي الداعر أو يبرر الانحراف السياسي أو الاقتصادي؛ يحاكمه المسلم على أساس أن هذا انحراف عن دين اللَّه وعن شهادة أن لا إله إلّا اللَّه، في حين أن العلماني أو الحداثي يمارس كل هذه الانحرافات على أساس أنه ليس للَّه -جَلَّ وَعَلَا- أي حق في الحكم على هذه الأمور أو ضبطها.
فمن هنا نلاحظ أن القضية هي قضية تصادم وتناقض بين منهجين وتصورين وعقيدتين، وليست القضية قضية تجديد وتقليد، أو تراث