للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد سبق في مقدمة هذا الفصل الحديث عن الباطنية والشيعة ونشأتها وأظهر فرقها، ونتناول الآن طرفًا من شواهد التواصل بين هذه الفرق والحداثة المعاصرة.

وإذا كان أدونيس أستاذ الجيل الحداثي الراهن يرفع لواء التجاوز والتخطي، وترك التقليد وترك الإحيائية؛ لأنها ضد النهضة فإنه في الوقت ذاته يرفع لواء باطنيته، ويسعى في أحيائها، أليس هو القائل:

(قال لي تاريخي الغارس في الرفض جذوره

كلما غبت عن العالم أدركت حضوره) (١)

وقبل التوغل مع أدونيس وباطنيته، أود أن أقدم بذكر أثر الاتجاه الباطني -عمومًا- على الشعر العربي الحديث، يقول الدكتور عبد الحميد جيدة: (ونرى هذا الاتجاه. . . يمتد حتى يصل إلى شعرنا المعاصر عن طريق الشعراء الباطنين الإسماعيليين من الشيعة، سواء من جنوب العراق، أم من جنوب لبنان أم من جبل العلويين في سوريا، وكانت باطنيتهم سببًا من أسباب الغموض في شعرنا العربي المعاصر؛ لأنهم الآن يمثلون الطليعة بين شعراء العربية المعاصرين المجددين) (٢).

ويشرح أثر التصوف الباطني في الشعر العربي الحديث، والترابط بين المفاهيم الصوفية والباطنية والاتجاهات الحديثة (٣).

ويتحدث إحسان عباس في معرض كلامه عن استخدام الأسطورة وذكر استخدام بعض شعراء الحداثة لثورة الزنج وثورة الخرمية في رموزهم المستمدة من التاريخ الإسلامي، ثم كتب في الهامش: (لا ريب أن عددًا من الشعراء المحدثين ينتمون إلى الأقليات العرقية والدينية والمذهبية في العالم العربي، وهذه الأقليات تتميز -عادة- بالقلق والدينامية ومحاولة تخطي


(١) الأعمال الشعوية لأدونيس ١/ ١١٠.
(٢) الاتجاهات الجديدة: ص ٨١.
(٣) انظر: المصدر السابق: ص ٩٤ - ١٢٠. وانظر: فتافيت شاعر: ص ١١٩ - ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>