للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحواجز المعوقة والالتقاء على أصعدة ايديولوجية جديدة، وفي هذه المحاولة يصبح التاريخ عبئًا والتخلص منه ضروريًا، أو يتم اختيار "الأسطورة الثانية"؛ لأنها تعين على الانتصاف من ذلك التاريخ بإبراز دور تاريخي مناهض) (١).

وهكذا في تحليل حداثي يتكلم إحسان عباس وكأن شيئًا لم يكن!، ومثل هذا التحليل دراسة باروت التي نشرها في مجلة الناقد تحت عنوان "أوهام الحداثة"، ويهمنا منه هنا إثبات أثر الحركات الباطنية والتصوف الباطني في الشعر الحديث، يقول باروت: (وتفسر "عرفانية" التجربة العربية للحداثة، اهتمامها العميق بنبش إرثها "الغنوصي" "الصوفي" "الباطني" ودعوتها لإعادة التواصل معه واكتشافه من جديد. . .، ولعل أدونيس من رواد الحداثة النادرين الذين اكتشفوا ميراثها "العرفاني" الشرقي ودعوا للتواصل معه، بل إنه قدم العرفان دائمًا كحامل للتحول والإبداع في التراث العربي، حيث تقع الصوفية والباطنية والرؤيا والحداثة أيضًا لديه داخل خطاب "العرفان" الشرقي العربي) (٢).

ومن هذا الوصف الذرائعي التبريري الجامد، نستطيع أن نفهم أن الاتجاه الباطني ساد لدى الحداثيين وعرفوه واطلعوا عليه، بل واتجهوا نحوه في محبة وشوق ورغبة جامحة.

ولا أدل على ذلك من أقوال أدونيس التنظيرية التي وجّه بها عقول الذين لا يفقهون إلى سراديب الظلام الباطني، تحت حجج العرفانية والأحلام والسوريالية والإيحاء والعقل الباطن والعمق والتداعي، وغير ذلك من ألفاظ التدليس والمخادعة.

ففي تلمود الحداثة "الثابت والمتحول" يركز أدونيس على أهمية الباطنية، مرة بالتعريض، ومرة بالقصد والعبارة المباشرة، في دعوة صريحة


(١) اتجاهات الشعر العربي المعاصر: ص ١١٠.
(٢) الناقد العدد العاشر - نيسان إبريل ١٩٨٩: ص ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>