للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو مغلفة إلى دين النصيريين وعقائدهم، وقد تدرج في محاولاته هذه، فبعد أن جعل الحداثة هي غاية الغايات، انتقل إلى البحث لها عن جذور في التراث الإسلامي، وخلال ذلك كان يدس سمومه التي تظهر في تلقائية بريئة يتلقفها خالي الذهن والقلب، وفي تقريرية قاطعة وكأنها الحق الصراح، فها هو يقول: (ومبدأ الحداثة. . . هو الصراع بين النظام القائم على السلفية، والرغبة العاملة لتغيير هذا النظام، وقد تأسس هذا الصراع أثناء العهدين الأموي والعباسي حيث ترى تيارين للحداثة: الأول سياسي فكري، ويتمثل من جهة، في الحركات الثورية ضد النظام القائم، بدءًا من الخوارج وانتهاءً بثورة الزنج مرورًا بالقرامطة، والحركات الثورية المتطرفة، ويتمثل من جهة ثانية في الاعتزال والعقلانية الإلحادية وفي الصوفية على الأخص. . .) (١).

ثم يتحدث عن التيار الفني، ويجعل تميزه وحداثيته في ممارسته لعدة قضايا منها إنه: (لم تعد للظاهر أهمية إلّا بمقدار ما يقود إلى الباطن) (٢).

وهكذا يلف مقصده ومذهبه الباطني في لفافة من الفن والشعر، ليؤسس العقيدة الأساسية للباطنية، حيث لا قيمة للظاهر، بل للباطن، أو كما يقول: (فالباطن إذن، لا ينفي الظاهر وإنّما يعطيه معناه الحقيقي، وهو يثبته فيما يعطيه هذا المعنى، الباطن هو النور الذي يكشف ويضيء، وهو المعنى الذي يعطى للوجود صورته أي قيمته ودلالته) (٣).

إنه قول الباطنية بعينه!، ولكنه يتخذ الرؤيا التي هي مطمح الحداثيين ذريعة لترسيخه، ولِجعل "الرؤيا" وسيلة لكشف الباطن واستشراف الغيب، وتكون الرؤيا عنده في النوم أو في اليقظة ويتحدث عن ابن عربي (٤) وفكرة


(١) الثابت والمتحول ٣ - صدمة الحداثة ٩ - ١٠.
(٢) المصدر السابق: ص ٣/ ١٩.
(٣) المصدر السابق جـ ٢ تأصيل الأصول: ص ٩٢.
(٤) هو: محي الدين أبو بكر محمد بن علي الطائي ابن عربي الصوفي المتفلسف، صاحب وحدة الوجود، قال عنه العز بن عبد السلام: شيخ سوء كذاب، يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجًا، ومن أخبث تواليفه كتاب الفصوص مليء بالكفر والطوام والباطنية الإلحادية، توفي سنة ٦٣٨ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء ٢٣/ ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>