للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منطقيًا وأخلاقيًا، بل إن هذا كان من أهم الأسس النقدية التقليدية) (١).

هنا يظهر أحد مقاصد أدونيس في إسقاط دلالات الألفاظ، وهذا المقصد طالما تذرع به الحداثيون وتعلقوا به.

وفي ذلك يقول أدونيس في زمن الشعر: (إن للكلمة عادة معنى مباشرًا، ولكنها في الشعر تتجاوز إلى معنى أوسع وأعمق، لابد للكلمة في الشعر من أن تعلو على ذاتها، وأن تزخر بأكثر مما تعد به، وأن تشير إلى كثير مما تقول فليست الكلمة في الشعر تقديمًا دقيقًا أو عرضًا محكمًا لفكرة أو موضوع ما، ولكنها رحم خصب جديد، ثم إن اللغة ليست كيانًا مطلقًا بل عليها أن تخضع لحقيقة الإنسان التي يجهد للتعبير عنها تعبيرًا كليًا، فهي إذن ليست جاهزة بحد ذاتها، بل تشرق وتصير علينا في الشعر أن نخرج الكلمات من ليلها العتيق، أن نضيئها، فنغيّر علائقها ونعلو بأبعادها.

إذا كان الشعر الجديد تجاوزًا للظواهر ومواجهة للحقيقة الباطنية في شيء ما أو في العالم كله، فإن على اللغة أن تحيد عن معناها العادي. . .) (٢).

وبهذه التعميمات استطاع أن يخدع البسطاء الذين رتعوا في حقله وشربوا من مستنقعه، تجد أحدهم يهاجم الإسلام وقضاياه، والأخلاق وأسسها، ويدعو إلى الرذيلة، ويعترف بالكفر والزنى، فإذا قيل له في ذلك شيء تذرع بأن الأخذ بحرفية الكلمات نظرة تقليدية رجعية متخلفة!!.

وتبين لنا من هذا النص أن أساس هذه المعايير الحداثية، العقيدة الباطنية التي فرع أدونيس وأضل شؤونها على ضوء عقيدة النصيرية، ووجد من تنطلي عليه هذه الألاعيب اللفظية، المنطوية على سموم فكرية تقتل دين متعاطيها وأخلاقه

وبعد هذه السفسطات الأدونيسية يصل إلى نتيجة مؤداها الثناء على


(١) المصدر السابق ٢/ ٢١٢.
(٢) زمن الشعر: ص ١٧. وانظر كلامه عن الرمز: ص ١٦٠ تجد المعنى نفسه في عقائد الباطنية وإنّما وظفه هنا فى الشعر واللغة عمومًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>