للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإلحاد والباطنية حيث يقول: (هكذا، بين الثورة الاجتماعية، والثورة الفكرية، بين عقلانية المجتمع المقرونة بعقلانية الدين، وإبطال النقل، وباطنية الدين وإبطال الظاهر، والمنهج الشكي الاختباري التجريبي وإبطال النبوة، كانت تنمو حركة التحول والإبداع في المجتمع العربي) (١).

وهكذا يصور أدونيس أن التطور والإبداع جاء على أيدي هؤلاء الشذاذ، ومتى كانوا كذلك؟ وفي أي زمن؟ بل كانوا في غاية الجهل والتردي، وها هم بنو ملته من النصيريين لم يبارحوا جبالهم حتى جاء الفرنسيون فأنزلوهم ليخالطوا الناس، ويروا الحضارة، ثم مكنوا لهم في الجيش والإدارة والإعلام، حتى استولوا أخيرًا على رقاب المسلمين، كشف اللَّه عنهم الغمة.

وكذلك كان الدروز والإسماعيليون، ولا تجد أحدًا من هؤلاء كان له في إفادة المسلمين أو رفع شأنهم أي أثر، بل تجد إبداعهم ونشاطهم إنّما كان في حرب المسلمين والإضرار بهم، وتفتيت قوتهم، والعمالة لعدوهم، والمحاربة لدينهم والسعي الحثيث لإبطاله وتخريبه.

وهذا الثناء من أدونيس على شواذ الفكر والسلوك من الباطنيين والشكيين والملاحدة الذين كانوا قلة لا قيمة لها أمام بحر الإسلام الخضم الهائل، وكانوا خفافيش ظلام أمام نور الإسلام العظيم الذي عم البشرية جمعاء.

هذا الثناء نجد مثله عند الخال حيث جعل الحركات التجديدية والإبداعية في التاريخ العربي جرت على أيدي الشعوبيين والخارجيين على التراث والسلفية، ويؤكد أن (الحركة الشعرية الحديثية ما هي إلّا حصيلة جهد بعض الذين وقفوا في الخارج، خارج السلفية والاتباع والتقليد) (٢).

ومن خلال تكرار أدونيس أن المقصود هو باطن اللفظ، وأنه هو


(١) الثابت والمتحول ٢ - تأصيل الأصول: ص ٢١٣.
(٢) أسئلة الشعر: ص ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>