للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على قضية "المرايا "التي يتخذها الشاعر الحديث (١).

أمّا الاسم الذي اتخذه أدونيس إطارًا له يعبر من خلاله عن ذاته فهو مهيار الدمشقي، وقد بين معنى هذا الاتخاذ عدة نقاد (٢)، ولكن أجرأهم هو جهاد فاضل الذي بين المقصد الشعوبي الباطني المستتر خلف هذا الاسم (٣)، وقد أجاد في ذلك، وسبق أن نقلنا نصه عدة مرات، ولا يتوارى أدونيس ولا يجحد مطلقًا أن الباطنية هي أساسه وجذره، كما يتوارى بعض أبناء المسلمين من الذين تلوثوا بنجاسات العلمنة والحداثة.

يسأله منير العكش قائلًا: (في فعلك الشعري ظواهر تسيطر عليها علاقات باطنية، هل تدخل الباطنية في مصادرك، وتعتبر جذرًا في حلمك؟.

أدونيس: طبعًا، يجب أن تميز بين الباطنية كحركة تاريخية والباطنية كموقف من العالم، بالمعنى الأول لا علاقة لي بها إطلاقًا، بالمعنى الثاني، الباطنية تهتم بما تسميه "الحقيقة" مقابل ما نسميه "الشريعة" أي بلغة شعرية، تهتم بما يتجاوز العادي وبهذا المعنى أنا متأثر بالباطنية.

والباطنية هنا تلتقي مع الصوفية، وتلتقي كذلك مع السوريالية. . .، والباطنية بهذا المعنى أيضًا بحث لا ينتهي عن حقيقة متحركة لا تنتهي لذا فهي شعرية خالصة. . . كشعر، تعتقد الباطنية أن العالم معنى وصورة، وأن غاية الإنسان ليس الوقوف عند حدود الصورة، أي: عند حدود الخارج بل تجاوز الصورة إلى المعنى، فإذا كانت تعامل اللَّه بهذا الشكل فكيف بالوجود؟ الوجود بالنسبة إليها هو هذا المعنى المستثمر الخفي، هو هذا المجهول. . .) (٤).

ونفيه أن تكون له علاقة بالحركة الباطنية كحركة تاريخية ينتفي تمامًا


(١) اتجاهات الشعر العربي المعاصر: ص ١٢٦.
(٢) انظر مثلًا: الحداثة الأولى: ص ٩٧، ١٠٢، ١٠٣.
(٣) انظر: قضايا الشعر الحديث لجهاد فاضل: ص ١٣٩.
(٤) أسئلة الشعر: ص ١٢٠ - ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>