للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أخبرنا الوحي بأن الملائكة خلقوا من نور، كما جاء في صحيح مسلم وغيره أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم" (١).

فالملائكة مخلوقات نورانية، وليسوا كالبشر ولا الجن، فهم لا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون ولا يتناكحون في غاية الطهر والنقاء، فليس فيهم شهوات، ولا يأتون المعاصي، بل هم منزهون عن الآثام والخطايا، ولا يتصفون بشيء من الصفات المادية التي يتصف بها البشر، إلّا أن اللَّه أعطاهم القدرة على أن يتمثلوا في صور البشر كما في حديث جبريل الشهير، وأنه جاء على هيئة رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه أحد من الصحابة حتى جلس إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فسأل عن الإيمان فقال: "أن تؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وأن تؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت. . . " (٢) الحديث.

وقد جاء في القرآن العظيم أن جبريل عليه السلام تمثل لمريم عليها السلام في صورة بشر سوي، كما قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (١٦) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (١٧)} (٣).

ومن صفاتهم الخلقية التي أخبرنا اللَّه تعالى بها أن لهم أجنحة، وأنهم يتفاوتون في أعدادها، كما قال -جَلَّ ذِكْرُهُ-: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)} (٤).


(١) أخرجه مسلم في صحيحه عن عائشة -رضي اللَّه عنها- في كتاب الزهد والرقائق، باب: في أحاديث متفرقة ٣/ ٢٢٩٤، وأحمد في المسند ٦/ ١٥٣، ١٦٨، وذكره في مجمع الزوائد ٨/ ١٣٤ مختصرًا وقال: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) الآيتان ١٦، ١٧ من سورة مريم.
(٤) الآية ١ من سورة فاطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>