للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في الصحيحين أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى جبريل عليه السلام وله ستمائة جناح (١).

وما أخبرنا اللَّه تعالى به من أخبار خلقة هؤلاء الأبرار نؤمن به كما جاء ولا نسأل عن كيفية ذلك، ولا نسأل عن غيره؛ لأنه لو كان في التفصيل نفع للعباد لأخبر به اللَّه -جلَّ وعلا-.

أمّا علاقتهم باللَّه تعالى فهم خلق من خلقه، وعباد من عباده، عملهم هو العبودية الخالصة والطاعة التامة والاستسلام المطلق للَّه -جلَّ وعلا-، ولا ينتسبون إلى اللَّه تعالى بغير كونهم خلقًا طائعين، ومن اعتقد غير ذلك فقد كفر؛ فهم ليسوا آلهة، ولا ذرية للَّه الواحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، وهم ليسوا بناتٍ، كما يدعي الكافرون.

قال اللَّه تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨)} (٢). ومع ذلك فلا يجوز ووصفهم بالذكورة؛ لأنهم من عالم الغيب، ولم يرد في الأدلة ما يثبت ذلك فوجب التوقف، وإنّما الذي ورد أن اللَّه نفى عنهم صفة الأنوثة، ردًا على الكافرين كما قال تعالى: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (٤٠)} (٣).

وقال سبحانه: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (١٥٠) أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١٥٢) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلَا


(١) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب: إذا قال أحدكم: آمين. . . ٣/ ١١٨١، ومسلم في كتاب الإيمان، باب: في ذكر سدرة المنتهى ١/ ١٥٨.
(٢) الآيات ٢٦ - ٢٨ من سورة الأنبياء.
(٣) الآية ٤٠ من سورة الإسراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>