للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إمّا صراحة كما سنرى في هذا الوجه، وإمّا ضمنًا كما سنرى في الأوجه اللاحقة.

ومن أظهر الذين جحدوا وجود الملائكة علاء حامد في روايته مسافة في عقل رجل، حيث يجعل الإيمان بالملائكة ثمرة للإيمان باللَّه الذي يرى أن نفيه هو الذي سيؤدي إلى نفي كل ما يترتب عليه من غيبيات، فيقول: (. . . من الأهمية بمكان أن نشذب فكرة وجود اللَّه من أغصانها السرطانية بالالتجاء لقفص العقل، ورفض توارث فكرة وجود اللَّه. . . إن الإيمان بوجود اللَّه من خلال الأديان والتي تطالب الإنسان أيضًا بالإيمان بأمور تتخطى نطاق التفكير وتربط قضية وجود اللَّه بهذه الأمور ارتباط الجنين بالمشيمة والجذر بالتربة، فطالما آمن الإنسان بوجود اللَّه عن طريق الأديان فعليه تقبل كل ما يتصل بوجود هذا الإله من جنة ونار وشياطين وملائكة وجن صالح وجن طالح وإبليس ومعاونيه حتى لا يجرفه الإنكار إلى النار المحرقة) (١).

ويتبدى لنا هنا جحده لوجود اللَّه ثم جحده لوجود الملائكة وسخريته بالأمور الغيبية، وهو يورد هذا الإلحاد في سياق روائي، وعلى طريقة تخلو من أي عقل أو منطق، على الرغم من دعاواه العريضة باحترام العقل والمنطق بل بتقديسها، {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)} (٢).

وفي موضع آخر من هذه الرواية الإلحادية يسوق كفره وشكه فينكر أولًا الكتب والشرائع ويعتبرها خرافات -ولعمر اللَّه- أن الذي يقوله ويعتقده هو الخرافة.

ثم يستنتج من ذلك نتيجة قائلًا: (. . . تحول العقل الإنساني إلى أكلة شهية تلتهمها الخرافات والخزعبلات، فالعالم الخفي الذي يعيش وراء


(١) مسافة في عقل رجل: ص ١٩١.
(٢) الآية ٤٤ من سورة الفرقان.

<<  <  ج: ص:  >  >>