للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والريب ليس بدليل وإنما هو تعبير عما في نفس صاحبه.

ولنصر أبو زيد عدة كتب ومقالات تستهدف النصوص الشرعية بالثلب والتنقص، وإلغاء القداسة عنها وجعلها نصوصًا بشرية خاضعة للتاريخ في نشأتها، ولمعطيات الواقع في فهمها وتنفيذها، وفي الحقيقة أن كل هذا مؤداه جحد الإسلام بالكلية وإنكاره جملة وتفصيلًا، ولكن من بوابة خلفية غير بوابة عزيز العظمة وعلاء حامد.

ففي سياق هجومه على نصوص القرآن والسنة يسوق مثالًا يتضح منه ما ذكرناه عنه آنفًا يقول: (وإذا كان الصحابي عبد اللَّه بن عباس الذي استحق ألقاب "ترجمان القرآن" و"حبر الأمة" قد فسر الرعد بأنه ملك يسوق السحاب بمقلاع من فضة، وهو تفسير ينسب إلى الرسول عليه السلام في بعض كتب الحديث، فإن المسلمين لم يأخذوا هذا التفسير بوصفه معنى دينيًا مقدسًا مطلقًا يتحتم أن لا يخالفه البحث العلمي، لقد فهم المسلمون أن النصوص الدينية لا تطرح تفسيرًا للظواهر الطبيعية والإنسانية، وأن تفسيرها متروك لفعالية العقل البشري المتطور دائمًا لاكتشاف الآفاق الطبيعية والإنسانية) (١).

هذا الكلام مؤداه جحد ما جاءت به النصوص، ولكن في سياق غير مباشر في الهجوم والنقض، أمّا ما نسبه إلى ابن عباس فكذب، وأمّا أن الملائكة تسوق السحاب فقد صح بذلك الخبر عن الصادق المصدوق -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢).

والمؤمنون يؤمنون به ولو كره المنافقون والشاكون والمرتابون، كما يؤمنون بأن من الملائكة من يلعن الكفرة، قال تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا


(١) قضايا وشهادات ٢ صيف ١٩٩٠ م/ ١٤١٠ هـ: ص ٣٨٥ بحث بعنوان النصوص الدينية بين التاريخ والواقع.
(٢) أخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة الرعد ٥/ ٢٩٤، وأحمد عن ابن عباس ١/ ٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>