عبدالقدوس وكلاهما متأثر بالوسط الضيق الذي عاش فيه، فليس كما يقول
أن المنحرفة يرجع انحرافها إلى أسباب اجتماعية، أو أن المجتمع هو الذي
يؤدي إلى انحرافها.
وليس من شك أن المرأة التي تتخذ من البغاء والدعارة المقنعة وسيلة إلى
الحياة الطيبة هم قلة قليلة، وليس أغلب المنحرفات كان الفقر مصدر انحرافهن
أو سقوط المرأة بسبب الفقر، أو أن سبب الانحراف هو سبب اجتماعي هذا
كله مفهوم ماركسي ومادي، وليس صحيحًا على إطلاقه، وليس صحيحا
بالأولى في المجتمع الإسلامي، ويخطئ نجيب محفوظ حين يقول: أن أوربا
استطاعت حل المشكلة الجنسية بطريقتها الخاصة وهذه الطريقة أن البنت التي
عمرها ١٦ سنة تلتقي في حرية تامة مع أي شاب حيث لا مشكلة جنسية ولا
مشكلة عفاف ولا بكارة.
وليس هذا الذي يقوله نجيب محفوظ مما يصلح لتطبيقه على مجتمعنا أو
أنه حل حق حقيقي لهذه المشكلة.
والواقع أن كتاب القصة (نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس، ويوسف
السباعي ويوسف إدريس وغيرهم) هم أقل الكتاب المعاصرين تجربة في مجال
الدراسات الاجتماعية بل إن آراءهم في هذا المجال تدل على سذاجة شديد
وعلى فقر كبير، فهم مع الأسف لم يقرأوا إلا مجموعة من القصص الغربية
ثم نقلوها- بعد أن انقضى عهد الترجمة- إلى تآليف عربية حيث أبقوا على
القيم والمفاهيم والتقاليد الغربية في كثير من القضايا التي يختلف حلها في
إطار المجتمع الإسلامي وفي ضوء قيمه ومفاهيمه، وهذه المفاهيم التي يقدمها
نجيب محفوظ في قصصه المختلفة، لا تمثل حقيقة هذا المجتمع ولا مشاكله
ولا يقدم حلولآ حقيقية له، ولذلك فإن هؤلاء الكتاب عندما يخرجون من
دائرة القصة إلى دائرة الكتابة الاجتماعية على النحو الذي عرفناه في كتاباتهم