للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالقرآن يخالف كتب التاريخ في أمور، ويوافقها في أمور، فالمؤرخ قد يرى من واجبه أن يتتبع تفاصيل الواقعة من الأسماء والزمان والمكان والأحداث، وتفاصيلها؛ لأن هذا كله قد يعينه على استنتاج الحكم التاريخي الذي يحكم به على الواقعة، أو يشبع به صم العواطف فقد لا يعنيه بعض هذا؛ لأنه لا يستنتج الأحكام التاريخية ولكنه الفيصل فيها.

إنه يرتب المقدمات ترتيبًا يقينيًا لا شك فيه: {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: ١١٢].

فالقرآن مصدر من مصادر التاريخ وليس كتابًا من كتب التاريخ.

- يقول المؤلف: على أن هذه المسألة قديمة، ومن أجلها عد الأصوليون القصص القرآني من المتشابه، ولقد نتج عن ذلك طريقتان: طريقة السلف، وطريقة الخلف، أما الأولون فيذهبون إلى أن كل ما ورد في القصص القرآني من أحداث قد وقع، وأما الآخرون فلا يلتزمون هذا وعلى طريقتهم جرى الأستاذ الإمام.

وهذا الذى يقوله المؤلف: جرأة أخرى على الأصوليين، وتقول مفترى على الإمام محمد عبده، فليس أحد من الأصوليين ولا أحد من المسلمين يعتبر القصص القرآني متشابهًا، ولا نعرف أحدًا من الأصوليين ولا المسلمين لا يلتزم بما ورد في القرآن من القصص؛ وإنما هي أحداث وقعت وحوادث هي خلاصة الحقيقة التي وقعت في سوالف الأزمان، يسوقها القرآن عبرة وهدى للعالمين، وليدلنا المؤلف على أصولي لا يقول هذا، أو عن مسلم لا يقول هذا.

وكلام المؤلف افتراء على الأستاذ الإمام يكذبه قول الإمام ومنهجه الذي اختطه لنفسه في صراحة لا شبهة فيها ولا اختلاط.