ومن أجل ذلك قتلوه فهم لم يقولوا هذا القول؛ وإنما أنطقهم القرآن، ويدعي أن عبارة {رَسُولَ اللَّهِ} إما أنها من قول اليهود سخرية، وإما من قول الله تعالى بيانًا للواقع وإكبارًا لعيسى -عليه السلام- وهذا ما أراده صاحب " الكشاف " وإن لم يفهمه أصحاب الرسالة "خلف الله وأمين الخولي".
ومن الخير لهم أن يرجعوا إلى "الكشاف" في هذه الآية ليعرفوا أن الزمخشري يقول في بيان ذلك. قالوه على وجه الاستهزاء كقول فرعون {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} ويجوز أن يضع الله الذكر الحسن مكان ذكرهم القبيح في الحكاية عنهم رفعًا لعيسى عما كانوا يذكرونه به، وتعظيمًا لما أرادوا بمثله كقوله: {لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا} [الزخرف: ٩، ١٠] وواضح أن صاحب "الكشاف" يريد أن الله يضع الذكر الحسن، على أنه من قوله تعالى لا على أنه من قول اليهود، يفعل ذلك أثناء حكاية قصصهم ومجادلتهم، وإذا أرادوا زيادة الإيضاح فليرجعوا إلى ما قاله الزمخشري نفسه في تفسير هذه الآية {لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} من سورة الزخرف لعلهم يعلمون من هذه المقايسة ما يريد صاحب "الكشاف" أن يقوله في تفسير آية النساء.
كذلك يقولون -وهم على سبيل الدفاع عن الرسالة- على الأستاذ محمد عبده إنه يجرى على طريقة الخلف، إزاء القول في القصص القرآني، فيكذبهم الشيخ محمد عبده نفسه، حيث يقول "وأنا على طريقة السلف في وجوب التسليم والتفويض" وذلك بصدد القول في قصة الخليقة.
وتقولوا عدى الشيخ محمد عبده أنه قال: إن القرآن لا يلتزم حدود التاريخ، وذلك فى تفسير قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ}[البقرة: ٢٤٣]، ولكن الشيخ محمد عبده لم يقل ذلك ولم يعلنه في الرواق العباسي كما ادعوا عليه فليرجعوا إلى تفسير المنار لعلهم يعلمون ما قاله بل