لا يوجد مانع شرعي من تقسيم رأس مال الصناديق الاستثمارية إلى أسهم مشاركة أو صكوك مضاربة أو وحدات أو حصص أو أي وثائق أخرى تمثل حصة شائعة في رأس المال , ذلك أن هذه الصناديق هي تطبيق جديد لعقد المضاربة , ويجوز في الفقه الإسلامي تعدد رب المال في المضاربة بحيث يساهم عدد كبير من الأفراد في تقديم رأس المال الذي يصير مملوكا لهم جميعا , وتتحدد ملكيتهم فيه بحسب الحصة المساهم بها.
فيكون هذا التقسيم عبارة عن إجراء فني وضع ليتلاءم مع تعدد رب المال في الصناديق أو من يسمون بالمشاركين أو المستثمرين في الصناديق.
ولكن يشترط أن تصدر هذه الوحدات اسمية وليس لحاملها فلا بد أن يكتب عليها اسم مالكها وبالتالي لا تنتقل ملكيتها إلا بطريقة القيد في سجل المساهمين الذي تحتفظ به الجهة المصدرة , وهذا يهدف للحفاظ على الحقوق وضمانا عدم خلط حق شخص بحق آخر.
وقد منع العديد من الفقهاء المعاصرين إصدار أسهم أو وحدات لحاملها لأن عدم كتابة اسم صاحب الوحدة يؤدي إلى عدم معرفة الشريك أو رب المال وبالتالي إلى النزاع والخصومة , كما أنه يؤدي إلى إضاعة الحقوق حيث إن أي شخص وقعت يده على هذه الوثيقة سواء كان عن طريق السرقة أو الغصب أو غير ذلك يعتبر صاحبها وأحد الشركاء أو أرباب المال المساهمين في الصندوق , ولا شك أن كل ما أفضى إلى النزاع والضرر ممنوع شرعا , إضافة إلى أنه قد يصبح فاقد الأهلية حامل أو الوحدة , مع أنه لا يصح اشتراكه بنفسه.
وقد أجاز بعض الفقهاء الآخرين إصدار الأسهم لحاملها , بل صدرت فتوى عن مجمع الفقه الإسلامي بالجواز في الدورة السابعة , فيما يلي نصها: " بما أن المبيع في السهم لحامله هو حصة شائعة في موجودات الشركة , وأن شهادة السهم هي وثيقة لإثبات هذا الاستحقاق في الحصة فلا مانع شرعا من إصدار أسهم في الشركة بهذه الطريقة وتداولها ".
أما بالنسبة لحالات الطرح اللاحقة لرأس مال الصندوق الاستثماري فإن الحكم الشرعي بخصوص جوازها أو عدم جوازها يكون بحسب كيفية تحديد سعر الوحدات في فترات الاكتتاب اللاحقة , هل تتناسب مع القيمة الحقيقية للوحدات أم لا؟
فإذا كان سعر الوحدات الجديدة المطروحة للاكتتاب مساوية على الأقل للقيمة الحقيقية (أو السوقية) أي مساوية لصافي قيمة أصول الصندوق , فهذا لا مانع منه شرعا.
ويستوي في ذلك أن تكون سعر الوحدات الجديدة المطروحة مساوية للقيمة الاسمية للوحدات السابقة أو أعلى منها أو أقل لأن العبرة ليست بالقيمة السوقية للوحدات السابقة وإنما العبرة بقيمتها الحقيقية التي تبرز الوضع المالي الفعلي للصندوق , فالقيمة الحقيقية للوحدة هي المقدار الذي تساويه من موجودات الصندوق بعد ملاحظة الأرباح والخصوم , فهي بمثابة المؤشر الحقيقي للأرباح أو الخسارة المتحققة.
أما إذا كان سعر تلك الوحدات الجديدة أقل من القيمة الحقيقية للوحدات السابقة , فهذا لا يجوز , لأن ذلك يضر بحقوق المشاركين في الصندوق حيث يؤدي إلى إنقاص قيمة وحداتهم أو حرمانهم من حقهم في هذا المال , وكل ما يؤدي إلى ضرر بين , وحرمان من حقوق فعلية لا يجوز شرعا تطبيقا للقاعدة الشرعية (لا ضرر ولا ضرار) إلا إذا عوضوا عن حقوقهم تعويضا عادلا من خلال منح وحدات جديدة بقدر حقوقهم , أو دفع لهم الفروق نقدا أو مقسطا , أو نحو ذلك.
وعلى هذا الأساس فإن طرح وحدات إضافية جديدة في فترات اكتتاب لاحقة يكون جائزا شرعا بشرط أن يكون سعرها على الأقل مساويا لصافي قيمة أصول الصندوق.